مجلس الشورى بصلاحيات تشريعية أظهرت المناقشات التي أجراها مجلس الشورى في جلستي الأحد والاثنين الماضيين أن هناك حالة من الالتباس في فهم العلاقة المفترضة بين مجلسي الشورى والنواب في إطار مجلس الأمة استناداً إلى التطور في السلطة التشريعية الذي وعد به مشروع التعديلات الدستورية المحال إلى مجلس الشورى من فخامة رئيس الجمهورية. البعض من أعضاء المجلس أبدى مخاوفه من إمكانية رفض مجلس النواب لمواد تقر مثلاً بموقع مجلس الشورى كمجلس أعلى باعتباره مجلس خبراء، مما يعني أن رئاسة مجلس الأمة ستكون منوطة بمجلس الشورى، هذا فضلاً عن صلاحية مجلس الشورى في إعادة النظر في القوانين التي يقرها مجلس النواب. والواقع أن مشروع التعديلات ينطوي على إشكاليات حقيقية، عندما يوكل مسألة رئاسة الأمة إلى مجلس النواب، ما يعني أن مجلس النواب سيصبح غرفة أعلى وهو ما يتناقض مع التقاليد المرعية في السلطات التشريعية التي تعتمد نظام الغرفتين. إذ إن مجلس النواب ينتخب مباشرة من الشعب، مما لا يسمح بالتحكم في حجم ومستوى الخبرات التي يكتسبها نتيجة التصويت المباشر، وهذا يعني أن مجلس النواب وفقاً لهذه الظروف قد لا يحظى بالخبرات البرلمانية المطلوبة في مجالات تتطلبها عملية الرقابة والتشريع والمساءلة، وهنا تكمن أهمية الغرفة العليا، بيت الخبرة البرلمانية والتي تحقق للأداء التشريعي كفاءته ونضجه. ينبغي ألا يخجل أعضاء مجلس الشورى في طرح مسألة بهذا القدر من الأهمية بوضوح وبشجاعة، فالقضية تتعلق بتطوير السلطة البرلمانية لفائدة الوطن والشعب، لا يجب أن تقاس الأمور برغبات هذا الجيل أو الذي يليه كما تنافي التحكم بقيادة السلطة البرلمانية أو التمنع عن إقرار مبدأ الثنائية البرلمانية. مشروع التعديلات الدستورية أقر مبدأ الثنائية البرلمانية، وعلى مجلس الشورى وهو ينظر في المشروع بناء على طلب رئيس الجمهورية أن يقول رأيه بصراحة ووضوح وأن يطرح هذه القضية خلال اللقاءات التي ستجريها اللجان الفرعية التي شكلها المجلس مع فعاليات المجتمع المختلفة. بعض أعضاء مجلس الشورى كان موفقاً في طرح المسألة بالصراحة التي ينبغي أن تميز حواراً بهذه الأهمية، عندما أشار بوضوح إلى أنه إذا لم تحدد العلاقة بين مجلسي الشورى والنواب ، خصوصاً في بعدها البروتوكولي وفي بعدها التشريعي فإنه لا جدوى من إنشاء مجلس آخر. حينما ينظر إلى مشروع التعديلات الدستورية بأنه انتقالة هامة أخرى على طريق التطور الديمقراطي والبناء المؤسسي للدولة اليمنية الحديثة، فإن على هذا المشروع أن يمضي في الاتجاه الصحيح وأن يأتي ملبياً لهذا المستوى من التحول. تفاصيل العلاقة بين مجلسي الشورى والنواب ينبغي أن ينظر إليها من زاوية هذا القدر أو ذاك من المرونة في العلاقة وفي صيرورة القضايا المنظورة أمام المجلسين والتشريعات ودورة التشريعات التي تبدأ من السلطة التنفيذية وتنتهي إلى المجلس الذي ينبغي أن يعطي رأيه النهائي فيها. كل النظم البرلمانية ذات الغرفتين تسمي مجالس الأعيان أو المستشارين أو الشيوخ غرفاً عليا، وتمنحها حق قيادة السلطة البرلمانية في حال الاجتماع المشترك، وحق الإقرار النهائي للتشريعات، وتعطي الغرف العليا أيضاً حق إقرار الترشيحت للمناصب الرئيسية في الدولة. وسيكون من العبث أن يطول النقاش بإزاء قضية يفترض أن تكون محسومة، وأن يظل السؤال قائماً أي المجلسين أحق بقيادة السلطة التشريعية في الدولة؟ عوضاً عن البحث في آلية عمل السلطة التشريعية بما يكفل سهولة في الأداء وعلاقة أكثر انسجاماً بين المجلسين المكونين لهذه السلطة |