إخلاء طرف نقابي (2) قبل 22مايو 1990م كانت نقابتا الصحفيين في شمال الوطن وجنوبه ديكوراً مكملا للنظامين كما كان حال سائر النقابات، وعندما توحدت النقابتان في 9يونيو 1990م عاشت النقابة الوليدة شهور عسل تزامنت مع شهور العسل التي عاشها حزبا الحكم (المؤتمر والاشتراكي) حينها، وعندما اختلف الحزبان كانت انعكاسات خلافهما تتسلل إلى النقابة بين الحين والآخر إلى أن جاءت حرب صيف 1994م فدخلت نقابتنا الموقرة في حالة تجمد لسنوات خمس لاحقة فوق الأربع السابقة لكن ذلك لم يحل دون مشاركة قيادتها في المؤتمرات الخارجية ولم يحل دون إصدار البيانات لكن ذلك كله كان مصحوبا بخلافات حادة داخل مجلسيها المركزي والتنفيذي وكذلك بتحشيد هائل جرى بضمائر ميتة ودماء باردة لمئات من غير أهل المهنة في صفوفها... إلا أن ما يحمد للجميع من مختلف التيارات السياسية أنهم حافظوا على وحدة النقابة وصولا إلى المؤتمر الثاني في مارس 1999م الذي جاء بقيادة جديدة كانت مهمتها الأولى تنقية العضوية، ورغم مقاطعة البعض للمؤتمر إلا أنهم كانوا على مستوى المسؤولية بإعطائهم المجلس الجديد الفرصة الكاملة لإثبات جديته في مسألة تنقية العضوية وتصحيحها، وكان ما جرى من تنقية إنجازا كبيرا أعاد للنقابة روحها ووحدتها وقوتها وهيبتها مع أن مجلسها ذاك كان محسوبا من الناحية السياسية على الحزب الحاكم بحكم انتماء بعض أعضائه وبحكم قرب بعضهم الآخر. وبجردة حساب لذلك المجلس سنجد أنه حقق منجزا تاريخيا بتنقية العضوية كما أنه كان صاحب مواقف هامة وجادة في مجال الدفاع عن الحريات لم تكن مألوفة قبله، ومع ذلك فقد تعرض للكثير من النقد الذي لم يخلُ من التجريح في كثير من الأحيان واتهم بالتقصير... وعند التحضير للمؤتمر الثالث طلب المجلس من عدد من الزملاء مستقلين ومعارضين معاونته في التحضير ومراجعة سجلات القيد لدرء أية شبهة عن عمله وأدائه باعتباره كان محسوباً على الحزب الحاكم، ووجد الزملاء أن إنجاز المجلس في مجال تصحيح العضوية كان دقيقاً ومحايداً ومسؤولا رغم كل ما كانوا يوجهونه قبل ذلك من انتقادات ويثيرونه من شكوك أعتبرها طبيعية بحكم أنهم كانوا غير محتكين بالعمل مباشرة ناهيك عن أنها نتاج لحال الخلاف على (اللي يسوى واللي ما يسواش) التي كانت ولازالت سائدة في أوساطنا نحن معشر الصحفيين... وذهبنا جميعا إلى المؤتمر الثالث في فبراير 2004م موحدين متناغمين وقدمنا أنموذجا رائعا للتنافس الديمقراطي والنزاهة والشفافية وجاءت نتائجه بمجلس ضم ثلاث عشرة شخصية مهنية متميزة يمثلون الصحف الحكومية والأهلية والحزبية وكذلك أطياف العمل السياسي الرئيسية. كانت تجربة جديدة لمجلس مختلف الانتماءات لكن كان عليه أن يكون موحد المواقف في قضايا الحريات، وكان الذين يتهمون المجلس السابق بالتقصير في هذا الأمر يعتقدون أن المجلس الجديد سيفعل (الهوايل) في الدفاع عن الحريات... وبغض النظر عن (الهوايل) التي كان البعض قد رسمها في مخيلته، فأنا أقول (بالفم المليان): إن المجلس الحالي لم يقصر في الدفاع عن أي زميل تعرض لانتهاكات تماما كما فعل المجلس السابق باستخدام كل الوسائل المتاحة والمشروعة... ولأني أعرف أننا جميعا نعاني من ضعف الذاكرة فأنا أرجو من كل زملائي وزميلاتي العودة لتقرير الحريات عن أداء المجلس السابق الذي تم توزيعه في المؤتمر الثالث ومقارنته بتقرير الحريات الذي سيتم توزيعه في المؤتمر الرابع عن أداء المجلس الحالي، ليس لشيء إلا لنتعلم الإنصاف والموضوعية والصدق ومراعاة ضمائرنا عندما نصدر تقييماتنا لتجاربنا وممارساتنا ولكي نتعلم التحرر من حساباتنا الحزبية والسياسية ودوافعنا الانتخابية فلا نبخس الناس جهودهم ولا نستخف بما فعلوه وأنجزوه وحققوه... وللحديث بقية... |