قمة الأمل .. والمبادرة اليمنية في ظروف بالغة الدقة ستنعقد قمة «سرت» العربية التي تحتضنها الجماهيرية العربية الليبية يومي السبت والأحد القادمين. واللافت مؤخراً أن المبادرة اليمنية لتفعيل العمل العربي المشترك على الرغم من أنها ليست شيئاً جديداً وطرحت منذ عام 2004 باتت محور نقاشات واجتماعات كان أبرزها اجتماع للبرلمان العربي أوصى من ضمن توصياته القمة العربية المرتقبة بوضع المبادرة اليمنية ضمن جدول أعمال ومناقشات القمة . كما أن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أشاد مؤخراً بالمبادرة اليمنية الرامية لتفعيل العمل العربي ووصفها بأنها حملت الكثير من آمال وتطلعات الأمة، مؤكداً أنها مطروحة على جدول أعمال القمة. وأيضاً كان مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية قد أقر في اجتماعه الأخير في الثالث من مارس الجاري بالقاهرة عرض المبادرة اليمنية الهادفة إلى تعزيز التعاون والعمل العربي المشترك على القمة بعدما كان قد تبناها البرلمان العربي وأعطى المجلس الوزاري الدول الأعضاء مهلة لتزويد الأمانة العامة للجامعة العربية بأية ملاحظات أو مقترحات حول المبادرة. وتهدف المبادرة اليمنية إلى تفعيل العمل العربي المشترك من خلال إنشاء اتحاد للدول العربية , لا يلغي دور الجامعة العربية وإنما لتعزيز دورها والانتقال بها إلى مؤسسة أكثر تطوراً وفاعلية بالاستفادة من تجارب الاتحادات الناجحة كالاتحاد الأوروبي أو الآسيوي أو الاتحاد الأفريقي. كما أن المبادرة تؤسس لاتحاد لا ينحصر في الدول بل يسمح للمشاركة الشعبية من خلال البرلمان العربي , والتأكيد على الحريات والمشاركة الشعبية في الحكم دون المساس بسيادة دول الاتحاد وحرية كل منها في اختيار نظام حكمها. والحقيقة أن الجهود اليمنية تجــــاه قضايا الأمة وتعزيز التضامن والعمل العربي المشترك ليس غريباً على القيادة السياسية الحكيمة ممثلة بفخامة الرئيس علي عبدالله صالح، والذي عبر صراحة في خطاب له في 2 سبتمبر1978 أي بعد شهرين من انتخابه عن وجهته العربية وأن نبض قلبه يخفق لروح التضامن العربي. وفي بداية عهده الرئاسي وضع الرئيس الرؤية الاستراتيجية التي كان ينظر من خلالها للدول العربية وما يمثله تضامنها, بقدر ما يمثله خطر التشرذم والتفرق الذي يفضي بالأمة إلى الهوان والانكسار, وهي لم تكن رؤية مقصورة على زاوية السياسة أو التمثيل الدبلوماسي بل يرى التضامن استراتيجية تعاون في شتى المجالات الاقتصادية والإعلامية والعسكرية وإقامة تكتلات وحدوية عربية ولو من زاوية استثمارات اقتصادية مشتركة تمهد لقوة اقتصادية موحدة تبدأ بها الوحدة العربية المنشودة. ولقد تميز الرئيس بنظرته التي ترى إلى البعيد وناقض تلك الرؤية التي كانت تقوم على أن أي اجتماع للجامعة العربية على مستوى القمة في خضم تشرذم عربي ليس منه جدوى، وأنه لابد أن يكتمل التضامن العربي ثم يأتي بناء عليه اجتماع القمة العربية .. كان للرئيس رؤية مختلفة تماماً عن تلك الرؤية ومفادها أن اجتماع القمة العربية يأتي لتعزيز التضامن العربي , ولأن الخلافات بين البلدان العربية يتأجج شرها بابتعاد تلك الدول عن اللقاء , فإن من الأهمية بمكان استمرارية اللقاءات وانتظامها كبداية لحل الخلافات وبالتالي طالبت اليمن مطلع العام 2000 بإيجاد آلية تضمن انعقاد القمة العربية بشكل دوري كل عام على غرار المنظمات الإقليمية والدولية الأخرى , وكان أن تم اعتماد المبادرة اليمنية تلك في القمة الطارئة التي عقدت في أكتوبر 2000 لتتكلل الجهود اليمنية بانعقاد أول قمة عربية دورية في الأردن في مارس 2001 ومن حينها والقمة العربية تنقد سنويا في مثل هذا الشهر باستثناء قمة تونس 2004 التي كان هناك خلافات أدت إلى تأجيلها إلى الشهر التالي. وإجمالاً نتمنى أن تخرج قمة «سرت» بما يحقق آمال وتطلعات الأمة ويتناسب مع حجم التحديات التي تحيط بالعرب. [email protected] عن صحيفة الجمهورية |