|
شركاء في الجرم لم تنتظر تلك القوى السياسية والحزبية التي ظلت خلال الفترة الماضية تضفي على مواقفها طابع الرمادية والمساحيق الزائفة، كثيراً لتكشف عن أقنعتها وتظهر على حقيقتها دون خجل أو وجل أو حياء من الله والناس، الذين مارست عليهم كل أصناف الكذب والزيف والتضليل وأشكال الخداع والانتهازية المقيتة. فهاهي تلك القوى السياسية والحزبية التي دأبت على إنكار حقيقة تحالفها مع عناصر الفتنة الحوثية في محافظة صعدة، تُقر اليوم ومن تلقاء نفسها بأنها كانت وستظل حليفاً استراتيجياً لعناصر الفتنة وداعمة لمواقفها التدميرية والتخريبية، وأنها بذلك الدعم كانت شريكاً في كل ما اقترفته عناصر الفتنة من جرائم راح ضحيتها الآلاف من الشهداء والجرحى سواء من المواطنين أو رجال القوات المسلحة والأمن، وشريكاً أيضاً في كل ما أحاق بمحافظة صعدة من خراب ودمار وما لحق بالوطن من خسائر فادحة جراء تلك الفتنة والتي ما كان لها أن تستمر بجولاتها الست لو لم تجد من يغذيها ويعمل على تشجيعها ويوفر لعناصرها الغطاء السياسي والإعلامي والمعنوي والمادي. ومع أن الكثير من المتابعين كانوا لا يشكون للحظة في وجود ذلك التحالف المشبوه والخبيث، فقد شاءت إرادة الله أن ينكشف أمر تلك القوى السياسية والحزبية، وتقدم الدليل على نفسها من خلال الوثيقة التي جرى التوقيع عليها يوم الأربعاء الماضي بين هذه القوى الحزبية والعناصر الحوثية، وهي الوثيقة التي خرج فيها التحالف بين الجانبين من السرية إلى العلن والتباهي به. واللافت أكثر أن يتزامن نشر غسيل تلك القوى السياسية والحزبية مع ثبات حقيقة أنها ضالعة أيضاً في أحداث الشغب والعنف والتخريب التي شهدتها بعض مديريات عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية، أكان من خلال تحريضها المباشر على تلك الأحداث أو عبر دفاعها المستميت عن الخارجين على النظام والقانون من العناصر التخريبية والانفصالية الذين عمدوا إلى التنكيل بالمواطنين الأبرياء على أساس مناطقي وجهوي، وإلى قطع الطرق ونهب الممتلكات العامة والخاصة وإقلاق الأمن وتعكير صفو السلم الاجتماعي والإساءة للوحدة الوطنية والترويج لثقافة الكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد. ولا نحتاج إلى كثير من الأدلة والشواهد لتأكيد ذلك أكثر مما ورد في خطابات وبيانات هذه القوى السياسية والحزبية، والتي عبرت فيها صراحة عن تماهيها مع الأفكار المتطرفة والدعوات المنحرفة والنزعات المناطقية للعناصر الانفصالية التي تتآمر على الوطن من الخارج!!. وبعد ظهور كل هذه الوقائع، تكون هذه القوى السياسية والحزبية قد وضعت نفسها أمام مسؤولية مباشرة عن كل الدماء التي سفكت والأرواح التي أزهقت والنفوس التي أرهبت وأفزعت والممتلكات التي أتلفت ونهبت في محافظة صعدة وحرف سفيان وكذا بعض مديريات عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية، وصار من حق الشعب اليمني أن يلاحق قضائياً أولئك المغامرين والمقامرين من قيادات تلك القوى السياسية والحزبية التي استمرأت لعبة إشعال الحرائق والفتن في الوطن بهدف إنهاك هذا الوطن ودفعه إلى منزلقات الصراع والانقسام والعنف لاعتقادها أن ذلك هو وحده من سيوصلها إلى كراسي الحكم بعد أن فشلت في الوصول إليها من خلال إرادة الناخبين في صناديق الاقتراع. والعجيب والغريب أن تبلغ الجرأة بهذه القوى السياسية والحزبية مداها، لتعمد إلى التغطية على كل خطاياها وآثامها وانحرافاتها بالصراخ حول الفساد وركوب موجة هذه الاسطوانة المشروخة.. إذ كيف لمن هم غارقون في أوحال الفساد حتى أخمص أقدامهم، أن يتحدثوا عن الفساد وهم من أكبر رموزه؟!!.. بل انهم وبسذاجة ذهنية وسياسية منقطعة النظير يرمون بيوت الآخرين بالحجارة وبيوتهم من زجاج!!. والأنكى من كل ذلك أن هؤلاء يمارسون الفساد بكل أنواعه وأصنافه، ففسادهم السياسي يتركز في إعاقة مشاريع التنمية والاستثمار والسياحة وعرقلة الجهود الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، وفسادهم الاجتماعي يتجلى في وقوعهم تحت وطأة ملذات الحياة وجشع وطمع النفس ولهاثها وراء حب الظهور والإثراء غير المشروع، على حساب مصالح المواطنين ومصادر رزقهم، وحتى الفساد المالي والإداري الذي يتحدثون عنه يعرف الجميع أنهم رموزه وجهابذته ومهندسوه، فقد أثروا ثراء فاحشاً حينما كانوا على رأس بعض الوزارات أو السفارات، أو بعض الجهات الحكومية، وذلك عن طريق تسخير مواقعهم للإثراء غير المشروع وشراء العقارات والفلل في الإمارات والقاهرة ولندن وغيرها من العواصم العربية والأجنبية.. فضلاً عن تباريهم المحموم في البسط والنهب والفيد لأراضي وعقارات الدولة والمواطنين!!. ولاشك بأن قوى سياسية وحزبية بهذا الفساد والخوازيق والفخاخ، لا ينبغي لها أن تتحدث عن الفساد أو تدعي الفضيلة والعفة والنزاهة، لأن الجميع باتوا يعرفون تاريخها وكيف أثرت وكيف جمعت الأموال ومن أية نافذة وبأية وسيلة، وأنها لم تكن في يوم ما نظيفة اليد أو السريرة أو اللسان بقدر ما كانت ولا تزال من تجار الأزمات وسماسرة الفتن والحروب، مع فارق أنها اليوم صارت تلعب على المكشوف!!. *الثورة |