|
الحظر الجوي ..أوروبا تضاعف خسائر اليمن وتشجع الارهاب أثارت الإجراءات المتخذة من قبل عدد من دول أوروبا بحق اليمن بعد حادثتي الطرود المفخخة علامة استفهام عريضة حول مصير الشراكة الدولية في الحرب على الإرهاب وجدية الدول المنضوية في هذه الحرب في الإيفاء بالتزاماتها إزاء الأمن الدولي عموماً وأمن الدول التي تخوض هذه الحرب على وجه الخصوص. بلجيكا وهولندا وقبل ذلك ألمانيا وبريطانيا ومن سار على هذا النهج أعلنت حظراً على حركة الملاحة الجوية من وإلى اليمن في ردة فعل مبالغ فيها على خلفية قضية الطردين المفخخين قبل أيام مع ان منطق المواجهة مع الإرهاب يفرض احتمال كل الإخطار ومواجهتها بحكمة وتضحية. ورغم أن الطرود المرسلة لم يتم اكتشافها في المطارات التي مرت بها ومنها مطارات في دولة متطورة تقنيا وامنياً كبريطانيا، والمانيا إلا أن الإجراءات المفروضة على مطارات اليمن قاسية جداً إذ هي أقرت بناءً على فرضية مرور هذه الطرود من مطار صنعاء الدولي الذي يعمل وفق معايير صارمة لا تقل في صرامتها وحداثتها عن مطارات المنطقة وبشهادة منظمات دولية تعمل في السلامة والأمن الملاحي مع فارق الإمكانات المتوفرة لكل طرف. ومما يؤكد عدم وجود تقصير امني في مطار صنعاء -حسب ما يؤكده تقرير رسمي حول امن الطيران في اليمن - ان اكتشاف وجود الطردين لم يتم إلا عبر معلومات استخباراتية فقط حددت نوع ورقم بوليصة الشحن!! واتجاه الشحن !! من جهة ومن جهة أخرى فانه وبالرغم من العثور على الطردين إلا أن اكتشاف أنها تحتوي على مواد متفجرة كان صعباًَ أيضاً في مطار دبي ومطار إيست ميدلاندز ببريطانيا برغم تقدم تلك الأجهزة والإمكانيات الكبيرة لديها وعلى سبيل المثال.. في مطار دبي لم يتمكنوا من اكتشاف المواد المتفجرة في الطرد عندما أدخلت في جهاز الفحص الاعتيادي، وكذا عند إدخالها في جهاز فحص المتفجرات وحتى عند إحضار الكلاب البوليسية المدربة( والتي حاسة شمها تفوق الأجهزة الحديثة) لم يتمكنوا من اكتشافها .. ولم يكتشفوا ذلك إلا بالفحص اليدوي وفك علبة الحبر.. واذا كان لكل دولة الحق في اتخاذ التدابير الأمنية التي تراها مناسبة لحماية مواطنيها ومصالحها من أي استهداف خارجي أو داخلي لكن في المقابل فان هذا الحق لا يجب ان يكون عاملاً مساعداً في تسويق وتشجيع نجاحات إرهابية تستهدف العالم أجمع إضافة إلى كون هذه الإجراءات ستعمل على معاقبة دولة مثل اليمن تعد حجر الزاوية في مواجهة الإرهاب. ووفقاً للمراقبين فان هذه الإجراءات لا تمثل عقاباً جماعياً للشعب اليمني وحكومته فحسب ،بل وتقويضاً لجهوده في مكافحة الإرهاب فاليمن قدم الكثير من الخسائر في مواجهة تنظيم القاعدة- الذي يتخذ من جزيرة العرب المتخمة بثروة نفطيه تمثل العمود الفقري لسوق الطاقة في العالم- منطلقاً لتنفيذ مخططاته الإرهابية في كل بقاع العالم دون استثناء وهذا ليس خافيا على دول كبريطانيا وأمريكا والمانيا تقدم دعما سنويا وان غير كافياً لتلافي هذه الخسائر. وعليه لا ينبغي على المجتمع الدولي أن يساهم في رفع قيمة فاتورة هذه الخسائر التي يدفعها اليمن منذ انتهاء العالم الرأسمالي من جهوده الحربية التي شنها على المعسكر الاشتراكي المتمثل بالاتحاد السوفيتي بعناصر عربية وإسلامية عادت إلى بلدانها بفكر متطرف اكتوت بناره شعوب هذه البلدان التي أحدها بل أكثرها تضرراً هي اليمن. والمنطق في هذه الأزمة الأخيرة يؤكد حق اليمن أن يرفع صوته عالياً لأنه وقع ضحية لحركة إرهابية متوحشة تحضى بمساندة دولية على شكل حزمة من الإجراءات غير المدروسة استهدفت ملاحته الجوية ومطاراته وحتى مواطنيه المرتبطين بمصالح تجارية وصحية وعلمية مع دول الحظر الجوي. ويجب الشارة هنا على سبيل الاستدلال إلى ان المجتمع الدولي ( تحديداً دول أوروبا ) لم يقدم لليمن كما قال نائب رئيس الوزراء للشئون الأمنية رشاد العليمي لمسئول الأمن الأوروبي الذي زار اليمن مؤخرا أجهزة متطورة لاستخدامها في مطارات ومنافذ تقع بالقرب من خطر الإرهاب كمبرر جغرافي استندوا إليه في تدابير أمنية لا تقل خسارة عن تلك التي لحقت باليمن جراء الأعمال الإرهابية في الداخل. وفي بقعة أخرى من مناطق الخطر الارهابي قدمت دول الحظر الجوي الكثير من الخسائر البشرية والمادية في أفغانستان وباكستان في إطار حلف الناتو وهو ثمن طبيعي ومنطقي لأمن العالم المهدد بأفكار العنف والحقد على المدنية المزروع في أوكار طالبان والقاعدة في أفغانستان وباكستان ومقابل ذلك تستدعي متطلبات الحرب على الإرهاب في اليمن أن تكون هناك شراكة دولية فاعلة تمكن المؤسسات اليمنية من الحصول على امتيازات خاصة اقل من تلك التي تدفع في أفغانستان تقوي الجهود المبذولة في هذه الحرب . وكما يؤكد الطرح الرسمي والشعبي اليمني في رؤيته للاحداث الاخيرة على كل الدول في منظومة الحرب على الإرهاب أن تتجاوز مستقبلاً ردة الفعل التي قد تضر بأي عضو في المنظومة كما حدث مع اليمن الذي ستكبده الإجراءات الأمنية المتخذة من قبل دول أوروبا خسائر فادحة في حين تقتضي الشراكة تقاسم الأعباء المترتبة على الأحداث الإرهابية. الإرهاب في اليمن خطر يهدد الداخل والخارج سواءً كان حجم القاعدة في اليمن كبيراً أو خلاف ذلك نظراً لقدرة التنظيم على تطوير آليات عمله بطرق عديدة استطاعت في أكثر من محاولة استباق تدابير المواجهة في الطرف الاخر بتقنياتها الحديثة مما يفرض على المجتمع الدولي بحث صيغ جديدة وأكثر فعالية لدعم جهود اليمن في مواجهة خطر الإرهاب بالتنسيق مع الحكومة اليمنية التي تواجه أعباء كثيرة في تلبية متطلبات التنمية بموارد غير كافية لخوض حربين ضد الإرهاب والفقر في وقت واحد. |