|
طريق ذمار- الحسينية : مقبرة المليارين.. محرقة القرضين.. وفضيحة القرنين لم نعد هذا الملف لنهاجم أحداً.. و لا لنتهم أحداً.. و لا لنستعدي أحداً.. و لا لندافع عن أحد.. لكن لنقول - من خلاله - لكل أحد : أن أحداً أو آحاداً يعبثون بإمكانات البلد.. يستنزفون مقدراتها.. يستمرئون معاناة أبنائها.. بل و يغرقونها في الديون التي لا جدوى منها سوى العبث.. و فوق كل هذا يسيئون لسمعة اليمن، و يهدرون كل الجهود التي تبذلها القيادة السياسية بحثاً عن إمكانات للبناء و التنمية، و ليس للهدر .. في هذا الملف سنقرأ بعض تفاصيل ملايين الدولارات و مليارات الريالات، المهدورة على أوهام اسمها مشاريع طرقات متعثرة.. و سنتوقف عند الممولة منها دولياً لنقف على حجم الكارثة.. و نستشهد بمشروع طريق ( ذمار – الحسينية ) الأطول عمراً .. الأكثر تعثراً.. الأعلى تكلفة بين المتعثرات.. الأكثر استنزافاً لإمكانات البلد.. بل و الأكثر إساءة لسمعة اليمن بين العرب و العجم.. لسنا بحاجة للحديث عن معاناة المواطنين في المديريات الغربية لمحافظة ذمار ( مغرب عنس – عتمة – وصاب ) التي لا تزال تعيش الحياة البدائية بكل تفاصيلها، و لذلك كان – و لا يزال – مشروع طريق (ذمار – الحسينية) حلم الخلاص لهذه المديريات، و لعل إدراك القيادة السياسية لهذه الحقيقة كان وراء التوجيهات المتكررة بسرعة إنجاز هذا المشروع، لكن ثمة من لا يهتم بمعاناة الناس و لا يعير اهتماماً لتوجيهات القيادة.. و لذلك أصبح هذا المشروع هماً إضافياً إلى هموم أولئك المواطنين.. مسار المعاناة.. و تاريخ العبث كانت فكرة تراود قلّة من الطامحين والمتفتحين وذوي الخيالات الخصبة منذ أواخر سبعينيات القرن العشرين، لكن أحداث التخريب التي شملت مناطق ( عتمة ووصابين ) دفعت به إلى القرب من المستحيل. و جاءت تعاونيات الثمانينيات برجال جعلوا من ذلك الحلم حديثاً متداولاً على مستوى قيادات المجالس المحلية بمحافظة ذمار، والتي كان من ضمنها كوكبة من رجال وضعوا التصورات الأولية للتنمية الشاملة لمحافظة ذمار عموماً ولمديرياتها الغريبة “ المعزولة “ على وجه الخصوص، فكانت الطرقات أوَّل الهّم ونقطة البداية فانصبت معظم الجهود في شق الطرقات الفرعية التي من خلالها تم تنفيذ بعض المشاريع الخدمية الأولية.. لكن طبيعة المنطقة وتضاريسها وأمطارها الموسمية وكذلك الأحداث التي مرَّت بها رسخت قناعات الناس والقيادات المحلية وصانعي القرار بأهمية وجود طريق استراتيجي يربط مديريات عتمة ووصابين ومغرب عنس بعاصمة المحافظة “ذمار” ويفتح أفقاً لخدمة منطقة الحسينية ( محافظة الحديدة ) ويفك الخناق عن هذه المديريات ويفتح خط اتصال تجاري، خدمي تنموي ، وسياسي أيضاً.. يمتد من مدينة ذمار عاصمة المحافظة ليصل إلى منطقة الحسينية ليرتبط بمدينة الحديدة التي كانت الميناء الرئيسي لليمن الشمالي سابقاً.. وفي أواخر الثمانينات غدت طريق “ذمار-الحسينية“ مشروعاً في الأذهان وعلى الأوراق و الخطط التنموية للمحافظة وللحكومة وللقيادة أيضاً.. وعد صريح وتوجيهات جادة تحقق مشروع اليمن الأكبر بإعادة تحقيق الوحدة المباركة في 22مايو 1990م، وأعقب هذا الانتصار العظيم إجراء الانتخابات البرلمانية عام 1993م و عقب تلك الانتخابات مباشرة كان فخامة الرئيس علي عبدالله صالح هُناك في زيارة تفقدية وتكريمية لمديرية ( عتمة ) أكد خلالها ووعد أن حلم طريق ذمار- الحسينية سيتحوَّل إلى حقيقة ووجَّه الجهات المعنية في قيادة محافظة ذمار والحكومة بإنجاز الإجراءات اللازمة والبدء بأعمال الدراسة والتخطيط لتنفيذ المشروع . في عام 1997م وجه فخامة الرئيس علي عبد الله صالح مجدداً بضرورة تنفيذ هذه الطريق وشهدت السنوات الأخيرة من تسعينيات القرن الماضي أعمال شق وتوسعة وسفلتة بعض الكيلوهات، ولكن تلك الأعمال سرعان ما تعثرت، فأتت الأمطار على ما كان قد تم تنفيذه، لتعيد الوضع إلى أسوأ ممَّا كان. التمويل الدولي هو الحل في السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين بدأت الجهود فعلاً للبحث عن تمويل للمشروع بعد أن وصل الجميع إلى قناعة بأن هذا المشروع من الأهمية الاستراتيجية، التي تجعله بحاجة لتمويل ضخم وعمل متقن لدرجة أن القيادات التنفيذية والوجاهات الاجتماعية في مديريات “عتمة ووصابين“ أعلنت عام 2003م عن استعداد المواطنين للتنازل عن جميع المشاريع التنموية خلال ذلك العام مقابل أن يتم إنجاز مشروع طريق “ذمار- الحسينية“.. وفي نفس العام2003 م تم إقرار اتفاقية القرض مع الصندوق العربي للإنماء لتمويل المشروع في مجلس النواب. خلال زيارة فخامة الرئيس لمديرية عتمة في أغسطس 2004م شدد على ضرورة البدء في تنفيذ المشروع بالتوازي مع تنفيذ خط “ مدينة الشرق- الدليل “ الذي يتقاطع مع خط “ ذمار-الحسينية” وسط مديرية عتمة.. وبالفعل تم إنزال المناقصة الدولية للمشروع وتقدمت له كل من"المؤسسة العامة للطرق, التي كانت قد أنفقت مليار ريال في أعمال الشق، (وشركة معصار سلاب) التي لاتزال فضيحتها ماثلة للعيان في طريق (مدينة الشرق - الدليل) وائتلاف "نوراك - الرحاب” التي تكونت من تحالف شركة الرحاب اليمنية و شركة نوراك التركية، ورسي العطاء على الأخيرة بتكلفة مقدارها “38 مليون دولار” في حين كانت التكلفة التقديرية التي أعدها مهندسو الأشغال تصل إلى 54 مليون دولار . عقد بلا دراسات في 14 أغسطس 2004 م تم توقيع عقد تنفيذ الطريق بطول 254 كم بين حكومة الجمهورية اليمنية ممثلة بوزارة الأشغال و ائتلاف (نوراك الرحاب) ونص العقد على أن يتم تنفيذ المشروع بتكلفة 38 مليون دولار و خلال فترة 30 شهراً. أول مطب بمجرد أن وصلت الشركة المنفذة إلى الموقع فوجئت بأن الطريق بدون تصاميم، أو بمعنى أدق أن التصاميم الهندسية للطريق ليست حقيقية ولا واقعية ولا صالحة للتنفيذ، وهو ما أقرَّ ه مهندسو وزارة الأشغال ذاتها..! عودة إلى خط الصفر وبطلب من وزارة الأشغال تم استقدام شركة متخصصة في التصاميم الهندسية للطرقات وظلت الشركة المنفذة في حالة انتظار طوال فترة إعداد التصاميم ومراجعتها من قبل وزارة الأشغال ومهندسيها والمستشار المختص التابع للوزارة.. فكانت مرحلة إعداد وتعديل التصاميم التي استغرقت قرابة السنة أوَّل إعاقة ومبرر لتأخير إنجاز المشروع في الموعد المحدَّد. تعديل في كل شيء التصاميم الجديدة أتت بتعديلات و تغييرات و إضافات و بيانات تقتضي تعديل كل شيء في العقد، من جداول الكميات و المسافات إلى المتطلبات و الأسعار و التكلفة، و لأن العقد المبرم مع الشركة المنفذة ينص على جداول كميات و أعمال ومهام محددة بالمقاسات و الأسعار و ليس عقد تنفيذ مشروع ( كومبليت ) و هنا بدأ النزاع ( بين الشركة المنفذة و وزارة الأشغال ) الذي كان سببه تقديم بيانات و تصاميم خاطئة تم على أساسها تقدير التكلفة وتوقيع العقد الذي يخضع للقوانين الدولية كما يخضع تنفيذ المشروع ونزاعاته لقانون ( فيدك ) العالمي الذي يبدو أن وزارة الأشغال و مقاوليها يجهلونه.. مماطلات و عبث خلال مرحلة التنفيذ المحددة جرت الكثير من الأحداث والمشادات والتباينات والأخذ والرد بين الشركة المنفذة وبين وزارة الأشغال كان من أهم نتائجها أن انتهت فترة التنفيذ المحددة بــ( 30 ) شهراً في حين لم يتم تنفيذ أكثر من 40 % وربَّما أقل من أعمال المشروع، وأسوأ من ذلك أن الشركة المنفذة كانت تعمل شهراً و تتوقف عدة أشهر، إما لأن وزارة الأشغال لم تف بالتزاماتها المالية إزاء الشركة، و إما بسبب تأخير العمل من قبل (المهندسين الاستشاريين), ولهؤلاء حكايات سنرويها في جانب آخر من هذا الملف، و بقي أن نشير إلى أن نسبة الإنجاز في المشروع توقفت عند ما هو أقل من الـ(40 %) و ربما أتت عوامل التعرية خلال أعوام النزاع الثلاثة الماضية على هذه النسبة، فلم تشفع لها ولا للمشروع ولا لخزينة الدولة ولا للقروض المستهلكة قائمة تسويات ودية تم إبرامها بين الوزارة و الشركة المنفذة، لكن تلك التسويات (التي لم تنفذ) كشفت مكامن الحيلة والعبث والاستهتار لدى مسئولي وزارة الأشغال ومقاوليها ومهندسيها، الذين لولا فساد رؤوسهم وضمائرهم واستهتارهم بالبلد وإمكاناتها ومعاناة أبنائها لما بقي مشروع طريق (ذمار - الحسينية) متعثراً بين قرنين، بعد أن عبثوا فيه بمليارين و قرضين.. التسويات الودية كشفت العبث و لم تنقذ المشروع من التعثر أبرمت وزارة الأشغال ثلاث تسويات ودية مع الشركة التركية المنفذة لمشروع طريق ( ذمار – الحسينية ) أولاها التسوية الودية التي اعتبرت ملحقاً للعقد و ذلك لمعالجة التعديلات، ثم تسوية ودية بتاريخ 24 / 7 / 2007 م قضت بتمديد فترة التنفيذ 24 شهراً... و كذلك دفع تكاليف الأعمال الإضافية و أوامر التغيير... بينما الاتفاقية الثانية التي انعقدت في 16 / 1 / 2008 م قضت تعويض الشركة عن خسائر توقفها و الأعمال الإضافية بمبلغ و قدره 6 ملايين و 500 ألف دولار ... وصولاً إلى آخر اتفاقية تم توقيعها بتاريخ 21 يوليو 2010 م و التي بموجبها تم سحب المشروع من الشركة التركية مقابل التزامات وتعويضات أخرى للشركة .. وبقراءة تفاصيل التسويات يتضح أن ممارسات وزارة الأشغال و مهندسيها و المهندس الاستشاري كانت وراء كل المعوقات ، بدءاً بإعلان مناقصة بدون تصاميم و مروراً بمماطلات في المستحقات ووصولاً إلى حرص شديد على تطفيش الشركة التركية ولو على حساب إمكانات البلاد وبمبررات غير حقيقية.. بدليل أن جميع التسويات تضمنت تعويضات لهذه الشركة .. وإذا لم يكن الأمر كذلك فهل من المعقول أن تقبل وزارة الأشغال بتسويات تتضمن تعويضات للشركة إذا كانت هذه الشركة هي المخالفة لشروط العقد و المتسببة في التعثر ..؟؟ (استشاريون) تخصصهم (مجاري) الغوص في تفاصيل و خبايا مشروع طريق (ذمار - الحسينية) و القائمين عليها أوصلنا إلى حقائق ومعلومات خطيرة ومثيرة.. لو أنها حدثت في بلد آخر لكانت كافية بقيادة الوزارة.وليس في المسألة مبالغة؛ فالأمر ببساطة يتلخص في وجود جهة اسمها (المهندس الاستشاري) الذي يعتبر صاحب القول الفصل و الحكم النافذ بين طرفي العقد في مشروع طريق ( ذمار- الحسينية) أو أي مشروع آخر ، و كل تعاملات طرفي العقد تخضع لإقرار المهندس الاستشاري.. ولأن عقد المشروع دولي، كونه بتمويل دولي فهو يخضع للقوانين الدولية ذات الصلة و أبرزها قانون ( فيدك ) الذي يعتبر مرجعية الأطراف الثلاثة، ووفقاً لشروط المناقصة و حجمها و مواصفاتها يفترض أن يكون المهندسون الاستشاريون ممن لديهم خبرة لا تقل عن 15 سنة في مجال الطرقات الدولية.. و تخيلوا معي أن مكتب (المهندسين الاستشاريين د احمد عبد الوارث/ مصر) الذي رست عليه مناقصة الاستشارة الهندسية في هذا المشروع لم يعمل في طريق دولية واحدة قبل طريق (ذمار - الحسينية).. بل إن مجال تخصصه و نشاطه المعروف في مصر هو مشاريع المجاري .. نصب دولي المكتب المشار إليه تقدم للمناقصة بشهادات و ملفات بأسماء مهندسين دوليين في الطرقات، لديهم الخبرة المطلوبة، لكنهم يعملون في شركة النيل المصرية.. و بعد أن رست عليه المناقصة و تم توقيع العقد معه جاء بمهندسين آخرين بلا خبرة و لا تخصص، بل حتى أولئك الذين جاء بهم في البداية لم يستمروا في العمل و تعاقد المكتب مع متدربين يمنيين و مصرين، و كأنه كان ينقصنا جهلة و سماسرة و عابثين حتى نستعين بنصابين دوليين.. تحالف السماسرة و لأن المكتب الاستشاري يعمل بمقابل تحدده المدة الزمنية للعمل و يتقدم بمستخلصات شهرية و ليس بمبلغ مقطوع يتحدد بإنجاز المشروع فليس لديه مانع من أن يتعثر مشروع الطريق أو يتأخر ألف سنة.. و لأن المهندسين الاستشاريين محترفون في اللف و الدوران، فقد استطاعوا أن يكسبوا ود البعض– في وزارة الأشغال- ويشكلوا معهم تحالفاً ضد الشركة التركية التي شهد و أشاد بدقة عملها فخامة الرئيس علي عبد الله صالح يوم أن زار أحد مقاطع الطريق المنجز و قال لمسئولي الأشغال يومها: (نشتي طرقات مثل هذه).. شاهد آخر على الاستشاري المحترف بالمناسبة للمهندس الاستشاري الذي أسهم في إعاقة طريق (ذمار – الحسينية) رصيد آخر في بلادنا.. فهو الذي أعد التصاميم الهندسية لمشروع طريق (صنعاء أرحب – حزم الجوف).. و أقصد بالتحديد الطريق الذي تعثر لأسباب عدة، أهمها عدم صلاحية التصاميم الهندسية، لينتهي الأمر بتسوية ودية قضت بمنح الشركة المنفذة تعويضاً مقداره 13 مليون دولار (من قرض دولي أيضاً) لتغادر المشروع و يبقى متعثراً إلى أن يشاء الله.. مشاريع مناقصات ودراسات بما يزيد عن 120 مليون دولار تقول المعلومات القادمة من وزارة الأشغال العامة و الطرق أن مناقصات وشيكة لاستكمال تنفيذ طريق (ذمار- الحسينية) المتعثر منذ القرن الماضي، رغم أن الوزارة و مقاوليها أنفقوا – في هذا المشروع - ملياري ريال، قبل أن يهدروا قرضاً دولياً وتمويلاً محلياً يتجاوز الستين مليون دولار، وهم في طريقهم لإهدار قرض جديد (تم التوقيع عليه) قوامه 42 مليون دولار إضافة إلى ضعف هذا المبلغ لا أحد يدري من أين ستأتي به الوزارة.. حيث تقول المعلومات الواردة من وثائق الأشغال أن مقاوليها و مهندسيها أعدوا تكلفة تقديرية لاستكمال المشروع مقدارها ( 64959850 ) دولاراً .. في حين تقدمت لتنفيذ العمل ثلاث شركات إحداها المؤسسة العامة للطرق و الجسور و بعروض إجمالية مقدارها ( 83138768 ) دولاراً، و ذلك بعد أن قسمت المقطع المتبقي إلى ثلاثة مقاطع تقدم لكل مقطع مقاول وحيد ما عدا مقطع واحد تنافس فيه أحد المقاولين مع المؤسسة، على أن هذا المبلغ لا يدخل فيه تكلفة استكمال مقاطع أخرى في الطريق أقرت وزارة الأشغال سحبها من الشركة التركية، و في حين يؤكد مختصون أن وزارة الأشغال تخطط لإنجاز ما تبقى من العمل في هذا المشروع بكل تفاصيله و عبر مقاولين محددين بتكلفة تتجاوز الــ 120 مليون دولار بعد أن عملت على سحب المشروع من الشركة التركية التي كانت قد عرضت إكمال المشروع بمبلغ 98 مليون دولار قبل أن تعمل الوزارة على إقصائها من المشروع بوسائل شتى وهنا يتضح أحد الأسرار.. الشركة التركية المغضوب عليها شكلت الشركة التركية (نور آك) ائتلافاً مع شركة الرحاب اليمنية، وبهذا الائتلاف تقدمت لمناقصة طريق (ذمار- الحسينية).. و قبل أن تبدأ العمل و تدخل في معمعات العوائق و التسويات كانت قد شحنت ما يزيد عن 400 معدة إلى اليمن، و لدى صاحبها أمل في أن تكون طريق (ذمار – الحسينية) نموذج دعائي يفتح له المجال لأعمال أخرى.. لكن إصراره على التعامل وفقاً للعقد و شروطه و مواصفاته، و عدم خضوعه للابتزاز و المساومات فتح عليه أبواب جهنم.. و لأسباب ليست بعيدة اقتصرت علاقة شركة الرحاب على نسبة 7 % من المستخلصات.. شغل نظيف و استمرت الشركة في تنفيذ العمل و تجاوز المعوقات.. و حصلت على إشادة من فخامة الرئيس و تعاون المواطنين في منطقة العمل زادت من حماس صاحبها.. لكن الشياطين لهم أساليبهم في التطفيش و اختلاق أسباب .. ومقابل العمل (النظيف) الذي كانت الشركة تصر على الالتزام به وفقاً لمواصفات وبنود العقد، كان هنالك (شغل نظيف) لافتعال المعوقات و المشاكل الكفيلة بإقصائها و تطفيشها من المشروع و من البلد.. حتى و لو كان ذلك على حساب المصلحة العامة.. مع تأكيدي هنا على أني لا أبرىء الشركة من بعض الأخطاء، لكن الذي حصل في حقها أكبر من أن يطاق أو يحتمل.. ولم يكن دافعه مصلحة البلد.. مقاول شبه محبوس و فضلاً عن محاولة تحميلها كل أسباب أخطاء الدراسات و التصاميم و التأخير .. و المماطلة في صرف استحقاقاتها.. وتأخير قرارات المهندس الاستشاري.. افتــُـعلت لها مشاكل أخرى دفعت بصاحبها للتفكير في اللجوء للتحكيم الدولي.. و هو ما حاولت وزارة الأشغال أن تتجنبه بالتسويات. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد من الأذية.. لقد وجد صاحب الشركة نفسه في متاهة من المشاكل.. معداته محجوزة في موقع العمل.. مستخلصاته محجوزة في البنوك.. بل وجوازه محجوز.. وعلاوة على ذلك مطلوب منه شحن معداته التي اكتشف في وقت متأخر أنه تم تسجيلها في جمارك الحديدة باسم الشركة المشاركة في العمل. المفاجأة المرتقبة المقاول التركي ينتمي لدولة تحترم مواطنيها وتعتبره هو وشركته وممتلكاته جزءاً من رأس مال الدولة التركية، و قضيته وصلت إلى أعلى المستويات، و لا أستبعد أن يكون ملف المقاول التركي واحدة من المفاجآت التي سيتم طرحها على طاولة القمة المرتقبة بين فخامة الرئيس علي عبد الله صالح و الرئيس التركي خلال الأيام القادمة. سؤال كبير : لماذا معظم الطرقات الممولة دولياً متعثرة؟ منذ فترة رفعت وزارة الأشغال تقريراً إلى مجلس الوزراء كان عنوانه البارز على الصفحة الأولى هكذا: (الإجراءات التي قامت الوزارة باتخاذها حيال بعض المشاريع الممولة دولياً) و بتصفح محتويات التقرير المكون من 25 صفحة يتضح أن المقصود بهذه المشاريع هو (ستة مشاريع طرقات استراتيجية جميعها ممولة بقروض دولية و جميعها متعثرة).. و هي على النحو التالي: مشروع طريق (ذمار – الحسينية) مشروع طريق (حيدان – الجمعة – المنزالة و مجز – غمر – رازح) جميعها مديريات في محافظة صعدة مشروع طريق (صنعاء - أرحب - حزم الجوف) مشروع طريق (عمران – السودة – الأهنوم) مشروع طريق (حجة المحابشة – كشر) مشروع طريق (عمران – عدن الاستراتيجي) وبصرف النظر عن محاولة وزارة الأشغال ذر الرماد في عيون أعضاء الحكومة بالتسمية التي وضعتها على غلاف التقرير فقد علم الجميع أن كل المشاريع المشار إليها آنفا متعثرة، وأن الإجراءات التي اتخذتها من قبل، وكذلك التي قالت إنها ستتخذها من بعد لم تكن سوى تضييع للوقت.ولمن أراد اليقين بالأرقام فليعلم أن القرض الأول لطريق( ذمار – الحسينية) انتهى و الثاني سيلحقه عما قريب و بدون طريق طبعاً.. و أن أكثر من ثلثي القرض المخصص لطريق (صنعاء - أرحب - حزم الجوف) أيضاً استنزف و المشروع متعثر، و الطريق الذي كانت تنفذه شركة خط الصحراء و حكمت لها المحكمة الدولية بتعويض 27 مليون دولار كذلك لا يزال متعثراً ، و لست أدري كم استنزف من القروض و المساعدات المخصصة لبقية الطرقات المتعثرة.. كما ليس أوان الخوض في خصوصيات طرقات (صعدة و حجة و عمران و ما بينها) و كذلك خصوصية أسباب تعثرها.. أو الغاية من تعثرها..؟ لكن الأهم أن يعلم القارىء أن وزارة الأشغال قطعت على نفسها وعداً في ذلك التقرير و في تقارير و مراسلات أخرى لمجلس الوزراء أنها ستنهي مشاكل التعثر في فترة لا تتجاوز الربع الرابع من عام 2009 م.. و تعالوا نسأل مطلع العام 2011 م كيف مر عام 2010 م دون أن تخرج المصفوفة التنفيذية التي قدمتها (الأشغال) للحكومة إلى النور ؟؟ * عن صحيفة الجمهورية |