ولعل أحدنا قد تساءل لماذا بات فاقداً ذلك الشعور بالقشعريرة ووقوف شعر الرأس لحظة رؤية أشلاء بشرية متناثرة وسط بقع الدم وتارة بحيرات. حتى الأطفال افتقدوا تلقائية الشعور بالرعب من المشاهد المروعة التي يقدمها الإعلام. وهنا بكل تأكيد ،ووفقاً لنظريات علمية يبدأ الانعطاف الاجتماعي القسري نحو العنف والجريمة بنحو جارف. حسناً لعل الإعلاميين سيتساءلون الآن وما ذنب الوسائل في هذا؟ إن نشرات الأخبار التي تفوح بروائح الدم واللحوم البشرية لا تقدم للأطفال بل لآبائهم. ولربما كان على الآباء، لحماية أسرهم من الانجراف نحو العنف الاختلاء بأجهزة التلفاز ساعة رغبتهم في سماع النشرات وتشفير القنوات الأخبارية شأن القنوات الإباحية الأخرى حتى لا يقع الأطفال في محذور النظر إلى محتوياتها صدفة، وفي هذه الحال سنكون أمام نكتة ولكنها من تلك التي ليس باستطاعة المرء حيالها أن يضحك. العنف يحتاج المجتمعات بدفع قوي من المواد الإعلامية التي تقدمها كافة الوسائل علماً أن هناك من الصحفيين من أصبح معتمداً بشكل أساسي على قدرته التخيلية كمصدر معلوماتي في حال لم يجد حدثاً دموياً أو إرهابياً يمد به وسيلته، وتجده في أفضل الظروف يكتفي بإجراء عملية جراحية لحدث ما، بحيث يقدم للجمهوري الحبة وقد أصبحت قبة. هذا ليس تجنياً بالطبع، كما أنه ليس شاملاً بكل تأكيد ..وإليكم الدليل؛ فقد نشر في "المؤتمر نت" قبيل عشرة أيام خبراً يقول أن أجهزة ا لأمن تبحث عن (9) مطلوبين دخلوا البلاد متسللين ولم تعرف حتى الآن أهداف دخولهم. وفجأة وضع العديد من المراسلين النقاط الضائعة على الحروف وأجابوا على السؤال الذي لم تتمكن أجهزة الأمن من الإجابة عليه، و جاءت الإجابات متباينة على النحو الآتي. صحيفة البلاغ المحلية قالت :إن مصادرها أكدت أن التسعة ينتمون إلى الموساد ودخلوا البلاد لأغراض استخباراتية، بينما قال موقع إيلاف أن أهدافهم تهريب الآثار، وقال مراسلون آخرون أن الهدف مختلف جداً وهو القيام بأعمال إرهابية. ثقافة العنف بالطبع ،تمارس غسلاً حيوياً للأدمغة .والصحفيون الذين يرفسون الحقيقة بأقدامهم هم اكثر العقول المغسولة .. |