|
بيان التدليس يفضح نوايا الانقلابيين ويطيح بأحلام شباب التغيير بعد نحو خمسة أشهر من بدء الاعتصامات الاحتجاجية ومحاولات أحزاب اللقاء المشترك الانقلاب على الشرعية الدستورية والنهج الديمقراطي في اليمن وذلك تحت مسميات ثورة الشباب والثورة الشبابية كشف البيان الصادر مؤخراً عن (علماء الانقلاب) افتقار مسمى " ثورة الشباب" لأهداف ومبادئ يفترض أنها تسعى لتحقيقها ، داعياً في هذا السياق إلى إقامة ( ندوات موسعة وحوارات شاملة تفضي إلى عقد مؤتمر عام يشارك فيه جميع من ساهم في الثورة، وخاصة العلماء والمعتصمين في ساحات التغيير والمفكرين وسائر القيادات السياسية والقبلية والعسكرية ورجال المال والأعمال للاتفاق على أهداف ومبادئ جامعة لمسمى الثورة الشعبية السلمية يجتمع عليها أبناء الشعب اليمني وتحقق طموحاته وتطلعاته). ولوحظ من الفئات المدعوة للمؤتمر المزعوم استثناء منظمات المجتمع المدني وقطاعات الشباب في تناقض صارخ مع أطروحات زعماء الانقلاب الفاشل وماتسوقه منابرهم الإعلامية لمصطلحات ( المدنية والشبابية .. الخ)" ويتطابق مضمون الفقرة كليا مع ماكانت تدعو له ما تسمى " اللجنة التحضيرية للحوار الوطني" التابعة للقيادي في الإصلاح والمشترك وأحد زعماء الانقلاب الشيخ/ حميد الأحمر ، في تأكيد جديد على استغلال أحزاب اللقاء المشترك للشباب وتطويع مطالبهم وحرف مسارها إلى مطالب سياسية تحقق مكاسب شخصية لقيادات في المشترك. وإذا كانت فقرة سابقة من البيان- المتهم بالتدليس على فضيلة العلامة محمد بن اسماعيل العمراني- أكدت حاجة المعتصمين لـ( ندوات موسوعة وحوارات شاملة تفضي إلى عقد مؤتمر عام) سيشارك فيه الملايين دونما تحديد سقف زمني لهذه الفعاليات التي تهدف للتوصل لاتفاق على أهداف ومبادئ الثورة المزعومة ، فإن الفقرة التالية لها أبقت زمن تحقيق الأهداف غير المتفق عليها مفتوحاً إلى ما شاء الله ولايبدو ان الفترة الدستورية المتبقية لرئيس الجمهورية حتى سبتمبر من العام 2013م كافية لتحقيق ذلك ،حيث جاء في البيان " يطالب العلماء ببقاء الاعتصامات السلمية في ساحاتها حتى تحقق جميع الأهداف والمطالب المشروعة" متجاهلاً تداعيات بقاء الاعتصامات على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية وتضرر السكان والتجار والمواطنين في الأحياء السكنية التي تقع الاعتصامات في نطاقها الجغرافي، وأطاح بيان علماء السياسية بكل أحلام وطموحات الشباب في التغيير نحو الأفضل،فلم يبق حتى على مؤسسات الدولة القائمة ومظاهر الدولة المدنية الحديثة ومبادئ الديمقراطية والتعددية السياسية والحرية وحقوق الإنسان، مختزلاً وظيفة الدولة المرتقبة في الدفاع عن "الدين والبلاد" وإيكال هذه المهمة لـ"مجلس قبلي أو ما يمكن تسميته " المجلس الأعلى لقبائل اليمن" حيث دعا البيان في فقرته رقم (4) جميع القبائل اليمن (شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً إلى تكوين ائتلاف لقبائل اليمن وتشكيل مجلس أعلى لهذه القبائل يقوم بتوحيد جهودها، وإصلاح أوضاعها، وحل مشاكل الثارات بينها، وتحقيق التعاون على البر والتقوى فيما بينها، ولتسهم في بناء يمن الإيمان والحكمة والدفاع عن دينها وبلادها) ويفهم من آخر الفقرة أن "الدين والبلاد" هنا يعود على قبائل اليمن وكأنما لكل قبيلة دين آخر وموطن جغرافي خارج خارطة اليمن والتقسيم الإداري للدولة اليمنية التي جاء في البيان أنها تدين بالإسلام. ويظهر من حكاية "المجلس القبلي الأعلى" في الفقرة السابقة أن رموز الانقلاب الفاشل لا يزالون يخادعون شبابهم والرأي العام المحلي والخارجي بمسميات هلامية تحدث نوعا من الاثارة على شاشات القنوات الفضائية الاخبارية ، لكن دائرة التحكم فيها لا تخرج عن أطراف مثلث الانقلاب " شيخ قبلي، رجل دين، عسكري منشق" ، كما أنه يمكن اعتبار المسمى الجديد يأتي مواكبة لموضة دعوات تشكيل المجالس ( انتقالي ، عسكري.. الخ) والتي تصب كلها باتجاه تقاسم ما يعتقدونها مكاسب ناتجة عن انقلابهم الفاشل. وبعيداً عن تفسير الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي أوردها البيان والتي نترك الخوض في شأنها لأهل الاختصاص يظهر جلياً أن البيان -المكون من 6 صفحات و 11 بند تفرعت إلى نحو 21 فقرة- أرتكز في مخرجات مضامينه ذات الطابع السياسي البحت إلى ما اعتبرها حقيقة عجز الرئيس عن القيام بمسئولياته، مستنداً لمعلومات وردت إليه من جهات قال انها موثوقة ولم يفصح عنها، لكن البيان تناقض مع مضامينه وفضح جهل معديه في ذات الفقرة حين طالب من الجهات المطلعة على حالة الرئيس الصحية في الداخل والخارج تعريف الشعب اليمني بذلك وعدم إخفاء الحقائق . حاول مضمون البيان انتزاع الشرعية الدستورية من رئيس الجمهورية مستنداً إلى تصريحات قيادات الانقلاب ومن قال إنهم أيدوا هذا المطلب وهم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وجهات إقليمية ودولية، لكنه تغافل عن مطالب مصدر الشرعية الحقيقي وهم جمهور الناخبين من أبناء الشعب اليمني الذين منحوا رئيس الجمهورية أصواتهم الانتخابية في الانتخابات الرئاسية في سبتمبر 2006م في انتخابات شهدها العالم . وفي الفقرة 4 من البند تاسعاً يذهب البيان لتكريس أخطاء سابقة للخطاب الديني في أوساط القوات المسلحة بشكل عام وتحديدا في حرب صيف 94م وحروب صعدة ، فبدلاً من المطالبة بتحييد المؤسسة العسكرية عن أي صراع سياسي أو خلاف مذهبي يدعوا البيان إلى( إنشاء إدارة عامة للتوجيه الديني في القوات المسلحة والأمن قياماً بالواجب الشرعي تجاه إخواننا وأبنائنا من قيادات وأفراد القوات المسلحة والأمن)، وهذه الفقرة تزيد أهدافها وضوحاً بالنظر إلى الفقرة السابقة لها والتي تنص على (التركيز على مزيد من التوعية الدينية والفكرية لتحصين القوات المسلحة والأمن من أي تعبئة خاطئة، وأن يضع فريق من العلماء والضباط وأهل الاختصاص المنهج لذلك) ، مايعني بكل وضوح ان المؤسسة العسكرية والأمنية في الدولة الموعودة ستشهد (خصخصة) نوعية لـ(اصلاح أوضاع الشيخ ) بقوة (الوااااجب الشرعي) ..! |