المصاب الجلل سادت في الشارع اليمني حالة من الحزن والأسى لدى سماع اليمنيين بنبأ استشهاد المناضل الوطني البارز الأستاذ الكبير عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى متأثراً بجراحه التي أصيب بها في الحادث الإرهابي الغادر الذي استهدف فخامة رئيس الجمهورية وعدداً من قيادات الدولة وهم يؤدون صلاة الجمعة بمسجد دار الرئاسة في غرة شهر رجب الحرام، الموافق الثالث من يونيو الماضي. وكان من الطبيعي أن يسود كل هذا الحزن أرجاء اليمن بهذه الخسارة الكبيرة التي أصابت الوطن وأبناءه، الذين فجعوا بعد تسعة وسبعين يوماً من ذلك الحادث الإجرامي باستشهاد رجل الاعتدال والاتزان والفكر الثاقب وخبير التنمية والاقتصاد، والعقلية السياسية التي عُرفت بالرؤية السديدة والفطنة والذكاء والصدق والإخلاص والاقتدار والإيثار في خدمة قضايا الوطن ونهضته وتقدمه وازدهاره. ومن الطبيعي أيضا أن يصعق الناس باستشهاد هذه الهامة والقامة الوطنية الكبيرة والكفاءة العظيمة، التي ظلت موضع احترام وتقدير من يتفقون معها ومن لا يتفقون، ومصدر إلهام للأقربين والبعيدين، الذين يلتقون معها في رؤيتها ومن يختلفون معها في إطار قواعد اللعبة السياسية. لقد امتدت يد الإرهاب لتغتال بحقدها الدفين وخبثها المقيت هذه الشخصية الوطنية من وسط رفاق دربه الذين أصيبوا في الاعتداء الإجرامي على مسجد النهدين، ولكن الإرهاب ومهما وصلت دناءة أصحابه ومعتنقيه وفجورهم وخبثهم، لا يمكن أن يغتالوا التاريخ المضيء لهذه القامة الوطنية التي سطرت بإسهاماتها في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والتنموية وكفاءتها الفكرية، تجربة ثرية من العطاء النقي لجيل كانت له بصماته في تحقيق انتصار الثورة والانتقال بأهدافها إلى حقائق معاشة، وإنجاز حلم اليمنيين بإعادة وحدة وطنهم، فضلاً عن الخطوات التي قطعتها اليمن في ميادين التحديث والديمقراطية، وهي انتقالات كان من الصعب أن تتحقق في عمر جيل واحد لولا إصرار الرواد على تأكيد انتماء اليمن للعصر. لقد تميز الشهيد بصفات رجل الدولة من الطراز الأول، كما اتسمت حياته العملية والخاصة بالقيم الرفيعة ودماثة الخلق والنبل والشجاعة ونكران الذات والبساطة والانحياز الدائم لقضايا الوطن، فسكن قلوب اليمنيين على اختلاف مشاربهم وبمختلف شرائحهم، ولهذه المكانة كانت فاجعتهم كبيرة ومصابهم جللاً. رحم الله شهيد الوطن، وأسكنه فسيح جناته وألهم جميع اليمنيين الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون. |