كنت طبيبا في مستشفى الاصلاح الميداني إلى ممثل هيئة الأمم المتحدة المحترم أقدم لكم وللعالم بأسره نفسي كشاهد على كل ما سأقوله لاحقا من وقائع حصلت أمامي أثناء تواجدي في ساحة التغيير أقدمها لكم بطابع أنساني خارج عن جميع الأطر السياسية والحزبية والدينية. أنا الدكتور احمد عبد العزيز نعمان يمني الجنسية من مواليد 13-3-1963 من مدينة تعز –ذبحان الشمايتين حاصل على شهادة باشلر في الطب البشري من جامعة القرم الطبية الدولية بالإضافة إلى عديد من الدورات في نفس المجال وفي مجال البحوث العلمية الصحية وناشط في منظمة الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر اليمني، وناشط مع منظمة العفو الدولية وممثل للمؤسسة العالمية لقلب الأطفال في اليمن عضو الجالية العلمية للجراحة القلبية لصدرية (الشبكة) رئيس مؤسسة المنار العلمية للدراسات والبحوث الصحية مارست مهنتي عقب تخرجي في عام 1994 في مستشفى الشرطة العام –صنعاء و الخدمات الطبية مصلحة السجون-صنعاء مدير لإدارة خدمات المعلومات الصحية مركز البحوث وخدمة المعلومات الصحية (وزارة الصحة )-صنعاء /ديوان الوزارة وكنت قد انتدبت بطلب من وزارة الصحة من قبل وكيل وزارة الصحة قطاع الخدمات مرفقا لكم الطلب. كما عملت مستشارا علميا مع جمعية آمنة واديلة الخيرية لخدمات مرض القلب والأطفال وأمراض الدم بالإضافة إلى نشاطي الخيري في المجال الصحي في عدد من المخيمات الطبية . التحقت بركب المعتصمين في جامعة صنعاء الجديدة ضمن الكادر الطبي في المستشفى الميداني المعروف باسم (المستشفى الميداني لساحة التغيير ). حسب ما رأيت على ارض الواقع أن الطاقم الإداري والخدمي والتنسيقي لهذا المستشفى غير مستقل وتابع لما يسمى حزب الإصلاح. مدير المستشفى الدكتور محمد العباهي ومساعده الدكتور محمد القباطي ومشرف المستشفى اليومي مساعد الطبيب عبد العزيز الذرحاني والمسؤول الإعلامي عبدالوهاب الآنسي (حاصل على دبلوم صحة البيئة ) ورئيس الأطباء الدكتور طارق نعمان (دكتور جراحة قلب وجراحة عامة ) جميع المذكورين أعلاه ينتمون إلى حزب الإصلاح. ومن الجدير بالذكر أن جميع من يقومون بالعمل الإداري الطبي اليومي في ذلك المستشفى لا يوجد بينهم إلا أقلية من الأشخاص المستقلون الذين لا ينتمون إلى حزب الإصلاح بما في ذلك القطاع الإداري والتنظيمي ويعمل المتحزبون جاهدين لإخراج المستقلين من المستشفى . بادرت مباشرة في نهاية شهر فبراير حيث توجهت إلى المستشفى طواعية وطلبت منهم إضافة اسمي إلى الأطباء المتطوعين وتحت الاستدعاء خلال الأربع وعشرين ساعة وكان ذلك بعد التعريف بنفسي وعرض كل من بطاقة التعريف الخاصة بي الشخصية والمهنية. ترددت مرارا إلى المستشفى مستفسرا عن عدم استدعائي أو إشعاري من قبل الزملاء في المستشفى الميداني مع العلم باني ممارس لمهنتي كطبيب جراح عظام لأكثر من ستة عشر عاما متواصلا و توجد حاجة ملحة لتخصصي نظرا لوجود إصابات في مجال التخصص. مع بداية استخدام الغازات المسيلة للدموع ضد المعتصمين توجهت مباشرة عقب علمي لما حدث من خلال الإعلام المرئي ومن حينها رابطت في المستشفى بصفة دائمة (24)ساعة يوميا، فارضا وجودي كطبيب متمرس في مهنتي . وعقب حادثة الغازات والتي كانت بمثابة مفاجأة معرية لحقيقة تعاملنا مع هذه الحادثة وجهل غالبية الأطباء اليمنيين في التعامل مع مثل هذه الحالات لكونها أول مرة تحدث على المستوى الوطني. قمت بالاستعانة بالبحث العلمي لمعرفة حقيقة هذه الغازات ومقارنتها على ارض الواقع حيث جمعت عينات مما استخدم ضد المتظاهرين السلميين وتبين لي إن جميع الإجراءات التي كنا نقوم بها والتي أصر عليها استشاريو المستشفى الميداني والبعض من أساتذة كلية الطب في جامعة صنعاء والعلوم والتكنولوجيا كانت خاطئة ولا تتوافق مع الإجراءات الطبية المتعارف عليها في مثل هذه الحالات الطبية . أضف إلى ذلك إجراء بعض القياديين من الأطباء التابعين لحزب الإصلاح بتصريحات بان هذه الغازات هي غازات أعصاب سامة غير عابهين بالأخلاقيات الطبية مما أثار الفزع وترسيخ الفكرة لدى عامة الناس وبخاصة المعتصمين. وكانت هنالك مجموعة من الخزعبلات التي تم الترويج لها بشكل مقصود مستغلين جهل الناس بهذه الأمور منها عصير الزنداني لامتصاص السموم حيث ظهر شاب في العشرينيات من العمر يرافقه آخر اصغر منه مستغلين الصخب والارتباك القائم مع وجود الحالات حاول تجريع احد المرضى سائل احمر شبيه لشراب الكركديه مدعيين أن هذه المادة مستخلص أعشاب وعندما طلبت منه معرفة التركيبة أو الاسم أجابني بان هذا من أسرار الشيخ عبدالمجيد الزنداني وتحضيراته السرية ولا يحق لهما السؤال عنها وإنما بالتنفيذ مباشرة وكما لاحظت كان اختيارهم للشباب بشكل انتقائي. وبعد ذلك مباشرة قمت بإبلاغ مدير المستشفى الميداني الدكتور محمد العباهي عن هذه الانتهاكات فسال عن الأشخاص فأشرت إليهم فقال انه مصرح لهم القيام بذلك، و حسبما فهمت لأنها توجيهات عليا فاستنكرت ذلك عليه فقام بأخذ الشاب وتكلم معه على انفراد فتوجهت إلى الأطباء الموجودين في المستشفى والتابعين للإصلاح فاستاء عدد ممن كان عنده ضمير ومهنية، عندها توقف توزيع هذا الشراب . لكن وبعد الأحداث التي وقعت في يوم الإستاد الرياضي في ذلك اليوم لم يتم استخدام الغازات المسيلة للدموع إلا انه كان هناك مجموعة من المدعين بحدوث تشنجات شديدة نتيجة لغازات غير مرئية. كان هنالك واحد منها صادق في حالته وهو يدعى ر.ح لاحظت وجوده مستلقيا على ظهره على الأرض، وهو في حالة من الهلع والهيجان فقمت بتهدئته والتكلم معه لمعرفتي المسبقة به ومن ثم أعطيته ديتامول وخلال كلامي معه وجدت لصقه موضوعة على بطنه فوق السرة وعند إزالتها فوجئت بوجود مادة سوداء لزجة عبأت بها سرته وما تحت اللاصق وعند سؤالي لهذا الشاب عن هذه المادة قال إنها إحدى اختراعات الزنداني لامتصاص السموم ويتم توزيعها وإعطائها للشباب في ساحة جمعية الإصلاح المجاورة للمسجد. وقد قمت مباشرة بإزالتها أي اللصقة وتنظيف سرته من كل ما علق بها من المعجون السحري وما إن مرت دقيقة أو بعد تخليصه من المادة التي كانت على جسمه فإذا به يهدىء تماما ويعود لحالته الطبيعية. وحين سألته عن الشعور الذي كان يحس به حينها أجابني بالتالي: لقد كنت أشعر بشيء غريب جدا يشدني من موضع السرة ورغبة قوية جدا لمهاجمة أي شخص وبشكل هستيري. ومما عانيناه في هذه المستشفى تحويله إلى مستشفى تعليمي دون الإشارة إلى ذلك بشكل رسمي أو علني وكان الطلاب من جامعة العلوم والتكنولوجيا من مختلف الكليات في سنوات الدراسة الثانية الثالثة والرابعة والخامسة منهم من ادعى بحصوله على درجة بورد ونفاجأ بكونه طالب في السنة الرابعة وبعض هؤلاء الطلبة من لا يستقي أمره إلا من قيادته الحزبية والبعض الآخر تعاون معنا واخذ بعض النصائح منا وعندما لاحظوا ذلك قاموا بالضغط علهم وبعدها لم نراهم . هنالك الكثير من الأخطاء التي حدثت إمام ناظري كنت لها من الرافضين ولهم من الناصحين ويمكن ان اورد بعض هذه الأخطاء كما يلي :- 1- طريقة التعامل مع الكسور من حيث الإسعاف ووضع الجبائر واستخدام جبائر منتهية الصلاحية ومنع صرف العكاكيز لبعض المصابين غير الحزبيي. 2- طريقة التعامل مع المصابين بعيارات نارية من حيث الإسعاف والنقل للمستشفى الميداني وبداخل المستشفى أول مرة اعلم أن الإصابة بعيار ناري تخاط وخصوصا بدون إذا لم تكن هناك حاجة لتدخل جراحي. 3- تخصيص مستشفيين تابعين للحزب لإرسال الحالات إليهما. 4- إشاعة انه إذا تم إرسال الحالات إلى مستشفى أخر يتم تعذيب المرضى وتصفيتهم وهذا ما تبين عدم صحته لاحقا من خلال مقابلتي لعدة حالات على سبيل المثال حالة تم إسعافها من قبل الهلال الأحمر اليمني إلى المستشفى الجهوري التعليمي والقريب من الساحة وانه تم التعامل مع هذه الحالة بكل إنسانية وكل مهنية طبية وعلى الرغم من وجود بعض المضاعفات لاحقا لإحدى الحالات من جراء إكمالها للعلاج في مكان مجهول. 5- تسليم السجل الطبي لشخص لا يمت للطب بصلة ولا يجيد سوى كتابة العربية وعدم اخذ السيرة المرضية من المريض وعدم كتابة التشخيص النهائي من قبل الطبيب المعالج (هذا ما كان يقوم به كتبة ينتشرون بشكل عشوائي فوضوي حول الأطباء أثناء الإجراء الطبي ) والاكتفاء بكتابة تشخيص من قبل الكتبة. وهو ما يتم توثيقه بطريقتهم الخاصة وعدم العمل بما يستند إليه الطبيب أو يرجع إليه في أغلب الحالات. 6- إخفاء السجل الطبي العام المخصص بالحالات (الواردة إلى المستشفى الميداني) كل يومين أو ثلاثة وظهور آخر جديد ومما يثير العجب هو عدم المقدرة على الوصول إلى السجل المختفي للتحقق من الحالات السابقة أو المراجعة وهذا سبب إضاعة حقوق المرضى من هم بحاجة ماسة لإجراء طبي كعمليات جراحية ومن هم من تم رفضهم ونفي تعرضهم للإصابة أثناء الثورة والمسيرات الميدانية ومنهم من لا يزال يعااني حتى كتابة هذا التقرير محاولا إيجاد من يقدم له يد المساعدة في العلاج أما ميسورين الحال منهم فإنهم قلة قليلة تمكنت من العلاج في اليمن على نفقتها الخاصة والقليل منهم من سافر إلى الخارج . 7- توزيع استمارات على فئة من المرضى لضمان حقوقهم بحيث يقدم لهم راتب شهري وعلاج مجاني وإخفاء ذلك عن الفئة المستقلة . وكان أن يتم صرف مبالغ رمزية للبعض منهم كتعويض للإصابات التي حدثت لهم في المسيرات . 8- كثيرا ما كان يتم كتابة الوصفة الطبية وصرف أدوية مغايرة بعض هذه الحالات من عادت للتأكد من العلاج وتم التعامل مع الصيدلية تفاديا لحدوث خطا طبي ومن الجدير بالذكر انه كان يتم صرف بعض الأدوية المنتهية ونفي وجود بعض الأدوية على الرغم من تكدسها في المخزن . 9- إغلاق غرف العمليات الصغرى والتي كان لجمعية أطباء بلا حدود دور في إنشائها من خلال التبرع ب ستة مجموعات من الأدوات الجراحية والتي لم نرى منها إلا القليل. 10- استخدام مهدئات وقاتلات الم قوية دون الحاجة لذلك. 11- افتقار بعض الأطباء ممن يعدون كمرجعية في كيفية التعامل مع الحالات وخاصة ممن تعرضوا للغازات ومنهم د. فاكر القباطي حيث أوصى بإبقاء المرضى بملابسهم بعد الإجراءات التي كنا قد قمنا بها من إسعافات أولية بطريقة علمية. 12- التوعية العامة بطرق الإسعافات الأولية حيث تم نشر ملصق كبير يختص بذلك الموضوع من قبل الإصلاح وفيه أخطاء فادحة لا يمكن السكوت عنها. 13- الرفض البات والقطي من قبل المستشفى الميداني في مد يد العون الطبية لفئة كبيرة من المعتصمين وإلصاق التهم بهم وتأليب مناصريهم على هذه الأقلية. 14- التمييز بين المرضى في العلاج ونوعية الطعام المقدم لهم وتعمد تقديم الطعام بأوقات متأخرة وبكميات شحيحة لمجموعة من الأشخاص ونتج عن ذلك حالات من سوء التغذية. 15- الاعتداء بالضرب والتحقير والسب والشتم لبعض المرضى والمن عليهم بما يقدم مع العلم ا ن ما يقدم من علاجات هو مجانية. ومما حدث أثناء وجودي في المستشفى الميداني انه عندما كنت أقوم بمعاينة بعض المرضى وتشخيص حالتهم و وصف العلاج أو عمل جبيرة يتم استدعاء طبيب آخر تابعا للحزب من المستشفى الأهلي والهدف الرئيسي من هذا إعطاء من يتم استدعائهم مبلغ مضاعف كأتعاب وتخصيص جزء من التبرعات لهذا الغرض والجانب الآخر هو محاولة إخراجي ودفعي لترك الساحة والعمل وهذا ما عجزوا عن تحقيقه. وما يؤسف انه عند عودة المريض للمراجعة في المستشفى الميداني أفاجأ بأخطاء طبية منها ما يؤدي إلى خلل وظيفي والآخر يحدث تشوهات خارجية. وبعد إشعاري لرئيس أو كبير الأطباء بالمضايقات التي تحصل من قبل أطبائه والأخطاء الطبية التي تمت في المستشفى الميداني فضلت الخروج للعمل مستقلا في الميدان ومرافقا للشباب في تحركاتهم أثناء المسيرات وبين الخيام وقمت بإجراء ندوات تثقيفية بشان الغازات والإسعافات الأولية كما قمت بإنزال لوحات توعية إرشادية ومعلقات للخيام والميدان لتوضيح الحقيقة مستعينا بمصادر علمية سيتم ذكرها لاحقا. وعند نصبي لخيمة طبية مستقلة وردتني حالات متفرقة من المرضى يعانون من جروح قطعية ورضوض وكدمات في مختلف أنحاء الجسم والناتجة عن ضرب فردي أو جماعي لهؤلاء الشباب بأنواع مختلفة من الأدوات كالعصي والهراوات وأعقاب البنادق والجنابي وأجهزة الصاعقة الكهربائية. *المصدر نيوزيمن |