|
اليمن : قطار الحوار الوطني يتجاوز مرحلة الفضفضة وسط خذلان حكومي فيما لايزال بعضها يسابق الزمن لانجاز مهامه الميدانية ، توشك معظم فرق ومجموعات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن على استكمال مناقشة وإعداد المسودات النهائية لتقارير نتائج نزولها الميداني الى المؤسسات الحكومية والمحافظات ، وهي التقارير المقرر تقديمها لرئاسة مؤتمر الحوار الوطني في جلسته العامة الثانية (النصفية) وفقا للنظام الداخلي للمؤتمر والذي حدد فترة جلسات فرق العمل الاولى بـ(60) يوما تنتهى مع الاسبوع الأول من شهر يونيو القادم ، ويكمل بذلك مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن شهره الثاني في أوسع طاولة حوار وتظاهرة سياسية يمنية غير مسبوقة في التاريخ اليمني الحديث . ويمكن القول ان مؤتمر الحوار الوطني نجح في شهره الأول في تجاوز مرحلة الفضفضة ، وإذابة الجليد وكسر الحواجز النفسية وبث روح التسامح حينما جمع 565 عضواً ينتمون لمكونات سياسية متصادمة – جمعهم – تحت سقف واحد وفي إطار جغرافي ضيق لنحو 6-8 ساعات يومياً فيما يشبه المعسكر التدريبي لمقاتلين مدججين بجرعات عالية من الشحن والتحريض والكراهية ضد بعضهم . وبالنظر إلى حجم الفعالية ودرجة الاحتقان السياسي وعمليات الشحن النفسي والحروب الإعلامية خلال عامي الأزمة التي شهدتها اليمن فإن الحوادث العرضية التي شهدتها قاعات المتحاورين تكاد تكون اعتيادية ، ولايمكن احتسابها بوادر علي فشل مؤتمر الحوار الوطني. وهذا الاسبوع تواصل بعض مجموعات فرق قضايا الحوار المنبثقة عن تشكيلات مؤتمر الحوار إنجاز مهام النزول الميداني إلى الأجهزة الحكومية المختصة في عواصم المحافظات والمديريات والمؤسسات الحكومية بحسب وظيفة الجهة وعلاقتها بالقضية فيما يشبه تقصي الحقائق واكتشاف المشاكل عن قرب وجمع أكبر قدر من المعومات والمعطيات حول كل قضية على حده .وخلال ذات الفترة قدمت معظم المكونات السياسية رؤاها حول ماهية وجذور القضية الجنوبية وقضية صعدة ، وتصوراتها لشكل الدولة والنظام السياسي المناسب لليمن. والأسبوع الماضي أوضحت نائب أمين عام مؤتمر الحوار الوطني الدكتور أفراح الزوبة بأن عملية تحليل البيانات والمعلومات لفرق العمل ستبدأ الأسبوع القام( هذا الاسبوع)، بعد استكمال بعض فرق العمل نزولها الميداني وذلك للخروج بخلاصات تستنبط منها قرارات ضمن بيان تقوم بعرضه على الجلسة العامة الثانية. ويعد تنافس الأطراف السياسية ومكونات الحوار على تقديم الرؤى العلمية البناءة لرسم ملامح الدولة القادمة تطوراً إيجابياً بالنظر إلى شكل وأدوات الصراع السياسي خلال العامين الماضيين وحتى قبل أيام من انطلاق فعاليات مؤتمر الحوار الوطني الشامل في الـ18 من مارس الماضي . وحسب مضامين المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية فعلى مؤتمر الحوار الوطني الوقوف أمام القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وآمنه والنظر في القضايا المختلفة ذات البعد الوطني ومن ضمنها أسباب التوتر في صعدة. والإسهام في تحديد أولويات برامج التعمير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة لتوفير فرص عمل وخدمات اقتصادية واجتماعية وثقافية أفضل للجميع. وفي خطابه الاسبوع الماضي بمناسبة العيد الوطني الثالث والعشرين للجمهورية اليمنية (22 مايو) المجيد، اكد الرئيس عبدربه منصور هادي – رئيس الجمهورية ورئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل- أن الحوار هو طوق النجاة الوحيد لكل يمني. مشددا في هذا الصدد على ضرورة تكاتف جهود كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لوضع الحلول الجذرية والعادلة المبنية على قراءة صحيحة لمعطيات الواقع لكل المشاكل والقضايا وفي مقدمتها القضية الجنوبية مشيرا الى ان الحوار الوطني قطع مرحلة متقدمة في أجواء سادها الإخاء والروح الوطنية المسؤولة ، وعكست العمق الحضاري الراسخ للشعب اليمني عندما اجتمعت كل الأطراف التي حملت السلاح في مراحل سابقة تحت سقف واحد حاملةً همَّ إخراج الوطن إلى بر الأمان . وبين مداولات قاعات مؤتمر الحوار الوطني في دهاليز فندق (موفنبيك) ، وهموم المواطن اليومية وقضاياه المعيشية ، تبقى مهمة ردم الفجوة القائمة بين المنطقتين مرهونة بمدى قدرة حكومة الوفاق الوطني على رفع منسوب التفائل الشعبي والتعاطي الايجابي لدى المواطنين مع ارهاصات مؤتمر الحوار الوطني ومخرجاته . وهو الامر الذي تنبه له رئيس الجمهورية حينما حث حكومة الوفاق الوطني – في خطابه الاخير- على المزيد من العمل خاصة في مجال القضاء على الاختلالات الأمنية والأعمال التخريبية المتمثلة في ضرب خطوط نقل الطاقة الكهربائية وأنابيب النفط والغاز . ولعل أمين عام مؤتمر الحوار الوطني الدكتور أحمد عوض بن مبارك كان أكثر وضوحا في هذه النقطة حينما اكد "ان نجاح مؤتمر الحوار ليس محصوراً فقط فيما يجري في قاعات مؤتمر الحوار بل يجب أن يكون هناك عمل ميداني موازي تقوم به الحكومة والأجهزة التنفيذية للدولة وبما يساعد على إخراج مخرجات طيبة لمؤتمر الحوار ". واوضح في محاضرة له منتصف مايو الجاري "لا يمكن أن يكون هناك حوار جاد داخل أروقة المؤتمر، بدون جهد رسمي حقيقي موازي من مؤسسات الدولة المختلفة تعين الحوار للخروج بمخرجات بشكل سليم ". |