عباس يبلغ هنية أن إسرائيل تطالب برأسه أعادت عملية خطف الجندي الاسرائيلي غلعاد شاليت خلط الأوراق لدى الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني، تاركة الوضع مشرعاً على كل الاحتمالات، في انتظار نتائج الاتصالات والوساطات العربية والدولية الجارية لاحتواء الموقف، خصوصاً في ضوء التهديد الاسرائيلي بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، وعزله تماماً عن الخارج ومنع الدخول او الخروج، علماً ان الرئيس محمود عباس موجود في القطاع وبات محاصراً فيه، ورفض مبادلة أسرى فلسطينيين بالجندي الذي خطف في هجوم استهدف موقعاً عسكرياً اسرائيلياً أول من أمس. وتحرك عباس امس على اكثر من صعيد لوقف تداعيات الحادث حفاظاً على التهدئة ولايجاد صيغة تمنع اسرائيل من اجتياح غزة وتدمير ما تبقى فيها من بنية تحتية. وكشفت مصادر مطلعة لـ «الحياة» ان عباس التقى رئيس وزرائه اسماعيل هنية وأبلغه بشيء من الغضب ان اسرائيل تطالب برأسه ورأسي وزيري الخارجية الدكتور محمود الزهار والداخلية سعيد صيام بدل الجندي المختطف، مضيفة ان اللقاء استمر نحو ربع ساعة وكان متوتراً جداً. وعقد عباس ايضاً سلسلة اجتماعات أمنية وأصدر أوامره لوزارة الداخلية وقادة الأمن ببحث جدي عن الجندي، كما اجرى اتصالات مكثفة مع عدد من الأطراف العربية والدولية. في هذه الاجواء، تراجع الحوار الوطني الفلسطيني الى الخلف، مفسحاً في المجال امام مساعي التهدئة. وبحسب الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم، فإن التطورات الأخيرة «ادخلت الوضع الفلسطيني كله في مأزق»، مشيراً الى نية منفذي الهجوم «وضع السلطة والنظام السياسي في مأزق، وربما الذهاب ايضاً الى أبعد من ذلك، انهم يريدون تدمير النظام السياسي كله وتدمير السلطة كلها». وأوضح ان الرئيس «يعمل على محاولة وقف أي رد فعل اسرائيلي وأي عدوان... خصوصاُ ان هناك تهديدات اسرائيلية بتدمير البنة التحتية المدنية». وتضع عملية خطف الجندي الرئيس عباس وحكومة «حماس» امام اختبار لسلطتهما وقدرتهما على فرض النظام. وفي الوقت نفسه، فهي تكشف وجود خلافات وتيارات داخل «حماس» التي شارك جناحها العسكري في الهجوم. وتشير مصادر في الحركة الى تنامي دعوات في اوساطها القاعدية والوسطى تذهب الى ما هو ابعد من المطالبة بالخروج من الحكم والعودة الى المقاومة، فهي تطالب بـ «هدم المعبد» على رؤوس الجميع، رداً على حصار الحكومة، والعودة الى ما قبل اتفاق اوسلو وتأسيس السلطة. اما بالنسبة الى حكومة «حماس» التي توارى قادتها عن الانظار بعد التهديدات الاسرائيلية باغتيالهم، فبدا انها غير راضية عن الهجوم لانه اضاع حصيلة شهور من الجهود المبذولة اقليميا وغربيا بهدف رفع الحصار. وفيما تواصلت امس وساطات مصرية وفرنسية وغيرها بهدف اطلاق الجندي والخروج من الازمة، كانت اوساط اخرى تتحرك في الاتجاه المعاكس بهدف مبادلة الجندي بأسرى فلسطينيين. واستهجن اهالي الاسرى الدعوات والوساطات للافراج عن الجندي من دون ثمن، معربين عن اعتقادهم بأن استمرار احتجازه سيجنبهم ضربات اسرائيلية ولو موقتاً. في الوقت نفسه، عرضت الاجنحة العسكرية الثلاثة التي شاركت في الهجوم، مقايضة معلومات عن الجندي المخطوف بمطلبين: «اطلاق النساء الاسرى في سجون الاحتلال» البالغ عددهن 138 اسيرة، و «الافراج الفوري عن كل الاطفال دون الثامنة عشرة في السجون» البالغ عددهم نحو 350 طفلاً. اسرائيلياً، أمر رئيس الوزراء ايهود اولمرت الجيش بأن يكون جاهزا لشن «هجوم واسع النطاق وطويل الامد لضرب الضالعين في الارهاب» في قطاع غزة، رغم قرار المجلس الوزاري الامني المصغر الامتناع عن شن هجوم من اجل السماح للضغوط السياسية بأن تؤتي ثمارها بتأمين اطلاق الجندي المخطوف. ورفض اولمرت اي تفاوض على الافراج عن الجندي مقابل الافراج عن اسرى فلسطينيين، في وقت اعلنت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ان اللجوء الى القوة لاستعادة الجندي «حق شرعي وطبيعي» لاسرائيل. وقال اولمرت: «اعتبارا من هذه اللحظة وبأوامر مني اصبح قطاع غزة معزولا تماما بحراً وبراً. فلا احد يخرج منه او يدخل اليه. انه اجراء اول وسنتخذ اجراءات اخرى بتأن ورباطة جأش لكن ايضا بحزم كبير». وجاء الهجوم الذي باغت اسرائيل، ليطرح عليها اسئلة عن اسباب فشل الاستخبارات الاسرائيلية في صده رغم وجود توقعات بحدوثه، كما شكك بإمكان تنفيذ خطة «الانطواء» الاحادي الجانب من الضفة من دون استعادة صدقية اسرائيل وقدرتها على الردع، وجدد إثارة قضية الموقف من «حماس» ومكافحة الارهاب. وعلى الارض، واصلت اسرائيل اغلاق المعابر الحدودية مع قطاع غزة، وحشد عشرات الدبابات والآليات العسكرية والجنود على حدود مدينة رفح الشرقية حيث وقعت العملية، كما واصلت الزوارق الحربية محاصرة شواطئ القطاع، فيما غطت سماء القطاع، خصوصاً جنوبه، سحابة من طائرات الاستطلاع من دون طيار. وقالت صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية على موقعها الالكتروني ان «الجيش طلب من القوات المصرية اغلاق محور فيلادلفي» بين قطاع غزة ومصر تحسباً لتهريب الجندي الى مصر، في ظل ما تردد عن انه تم تهريبه فعلا الى خارج القطاع. ونسبت الصحيفة الى ضابط اسرائيلي كبير قوله «ان نقل الجندي الى مكان آخر واحتجازه لدى تنظيمات اخرى هو امر ليس مرغوباً به». |