راقصات خليعات في مسارح باكستان يطلق مجموعة من الرجال صفرات الاعجاب وصيحات الدهشة في الوقت الذي ترقص فيه شابة حسناء ترتدي ملابس حمراء مثيرة تكشف الكثير من مفاتنها على المسرح في حي فقير بباكستان.. لم يكن ذلك مشهدا في ملهى ليلي أو عرض رخيص في حانة بل مسرحية أضيفت إليها رقصة مثيرة لاجتذاب عدد كبير من الجمهور الذي لم يعتد على هذا النمط من الأعمال المسرحية في بلد تحكمه تقاليد صارمة بما يخص "الحشمة". ويرى العاملون في مجال المسرح أنه في وقت تروج فيه البرامج الرخيصة في القنوات ذات الاشتراك وأقراص الفيديو المنسوخة فإن وسائل الترفيه التقليدية مثل المسرح بات يتعين عليها البحث عن سبل جديدة للحفاظ على الجمهور في بلد مسلم محافظ. وقال زوار بلوخ وهو منتج أغلق مسرحه في مدينة ملتان بوسط البلاد لعرض مسرحية بها فقرات راقصة اعتبرها رقباء الحكومة مشينة "علينا التنافس مع تلك القنوات التلفزيونية والأفلام المنسوخة وإلا سننتهي". ليس الجميع براض ولكن ليس الجميع يرضون بهذا الشغف الذي ظهر حديثا بالعروض الرخيصة في المسرح الباكستاني، حيث يقول سهيل أحمد وهو من أشهر الكتاب المسرحيين في باكستان ويعمل ممثلا أيضا "إن الراقصات عادة في الوقت الراهن هن اللاتي أصبحن يجتذبن الجمهور من الذكور إلى المسرحيات وليس المسرحيات ذاتها أو الأداء التمثيلي. وأضاف أحمد "ظل المسرح شكلا أصيلا من أشكال الفنون في شبه القارة الهندية وبالرغم من القيود أبرز قضايا اجتماعية وسياسية مهمة"، ومضى يقول "للأسف يستغل البعض أيضا في باكستان الثقافة والفن لتحقيق ربح سريع". وفي مسرح الخيام المقام بمدينة ملتان بوسط باكستان ترقص شابات مثل تلك التي كانت ترتدي ملابس حمراء مثيرة على أنغام أغنيات هندية وباكستانية رائجة ست مرات خلال المسرحية. والمسرحية في قالب كوميدي تدور حول أب يبحث عن عرسان لبناته ليحصل منهم على مهور كبيرة ولا يدرك أن العرسان الاثرياء التي يأمل أن يزوجهم بناته ما هم الا نصابون. وقال عامر تشوجتاي وهو ممثل محنك بالرغم من أن عمره 20 عاما مبديا أسفه على انحدار المسرح في باكستان "هذه المسرحيات لا تعبر عن قيمنا الشرقية أو عن ثقافتنا". وأضاف أن مستثمرين طماعين تحولوا إلى منتجين وكتاب وأن شابات ليست لديهن أي قدرات تمثيلية يسعين إلى الشهرة والثروة. وشرح قائلا "لا تكتب نصوص جديدة. يجري تغيير العناوين والاسماء فحسب". خوفا من البطالة ويقول البعض إن هذا النوع الجديد من المسرح الذي يقوم على المنتجين الساعين للثروة يستغل اتجاهات أكثر ليبرالية في الفنون والإعلام تحت رئاسة برويز مشرف، إذ تمثل سياساته تناقضا حادا مع سياسات الرئيس السابق الجنرال ضياء الحق الذي كان يستغل الدين في فترة حكمه من 1977 إلى 1988 لكبت الانشطة الثقافية وكان لا يسمح للمرأة بالظهور على شاشات التلفزيون الحكومي إلا إذا كن يرتدين الحجاب. ولكن بدل الاشادة باختفاء بعض القيود تشكو بعض الممثلات من أن الشعبية التي يحققها هذا النوع الجديد من المسرحيات أدت إلى وضعهن في قالب محدد جديد وهو دور "الراقصات الخليعات". وأبدت الممثلة نصرت افتاب وهي تتحدث في كواليس المسرح أسفها على أنه بعد 12 عاما من عملها المسرحي لم تجد أمامها من خيار سوى العمل في تلك المسرحيات وإلا سيكون مصيرها البطالة أو الفقر. وقالت بيلو تشودوري وهي شابة أخرى ترقص على المسرح "أشعر بالحزن والأسف ولكن الجميع يفعلن ذلك. الناس يريدون مشاهدة تلك العروض". وفي إقليم البنجاب وحده هناك ما يقدر بنحو مائة مسرح يعرض تلك المسرحيات الرخيصة وتترواح فيها أسعار التذاكر بين 300 روبية (خمسة دولارات) وهو ما يمكن للغالبية دفعه و1000 روبية (17 دولارا) وهو سعر باهظ نسبيا. ولابد أن توافق جهات الرقابة الحكومية أولا على تلك المسرحيات وهي تسمح بثلاث رقصات كحد أقصى في كل مسرحية ولكن يبدو أن هذه القاعدة كثيرا ما يجري مخالفتها. وقال سيد اختار زيدي وهو من مسؤولي المدينة الذين يشرفون على الأعمال الفنية "مهمتنا هي ضمان عدم وجود عرض يثير شهوة الجمهور". ويجري تدريب الرقباء على رصد النساء اللاتي يرقصن مع ارتداء ملابس فاضحة أو بطريقة خليعة. وفي الشهر الماضي أغلقت ثلاثة مسارح في ملتان بعد أن وجد الرقباء أن الرقصات فاضحة. كما أن الشرطة احتجزت الراقصات. وعلى الرغم من تلك الإجراءات المشددة فإن المسرح الرخيص سيبقى في باكستان فيما يبدو ما دام جمهور الذكور راض عن دفع المال مقابل مشاهدة مسرحيات راقصة والتخلي عن الاحترام الذي توفره رحلة إلى المسرح. وقال نديم ماندفيوالا وهو موزع سينمائي "الجنس رائج في كل مكان في العالم ولكننا نحن الباكستانيين نخفي ونخبيء مشاعرنا. الآن ومقابل عدة مئات من الروبيات يمكن أن تقول لاسرتك أو لاصدقائك إنك شاهدت مسرحية. هذا شيء محترم". وكالات |