|
عادات وتقاليد رمضانية من وادي حضرموت ها هو رمضان قد حل علينا ضيفاً كريما على قلوبنا ويعود علينا شهر رمضان هذا العام وكما هي عادتنا نستقبله بمشاعر الفرح والسرور التي ورثناها أبناء عن جدود من حيث عادات التهاني والتزاور للأهل والأقرباء والأصحاب والأعزاء التي تنشط في رمضان الكريم وتحاط بمشاعر الحب والإخاء والتعاون والإيثار.. هذه العادات تنمي التواد والتراحم بين المسلمين فيكونون كما وصفهم رسول الرحمن صلى الله عليه وسلم " المسلمين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا أشتكي منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى" إذا المؤمن في تعوده على قيم التكافل والتعاون والإيثار فهو بذلك يؤطر أواصر العلاقات الأخوية في المجتمع ويرسي دعائم السلم الاجتماعي بين المسلمين. التقينا بعدد من المختصين بالحديث عن تاريخ وتراث وادي حضرموت الذين يسترجعون ذكريات وأحداث جميلة تختزنها ذاكرة الإباء والأجداد ومعهم نسترجع بعضا من هذه الذكريات الخاصة برمضان أيام زمان فمدن وقرى وادي حضرموت وبالذات مدينة تريم التاريخية وكذا مدينة سيئون وشبام والهجرين وغيرها من المدن والقرى الأخرى تتميز بعادات وتقاليد خاصة بهذا الشهر المبارك أسوة بالمدن اليمنية الأخرى ذات الموروث الحضاري ونحاول في هذه الأسطر أن نبرز أهم هذه العادات والتقاليد في رمضان أيام زمان حيث التقيت بشخصيات من وادي حضرموت وزودتنا بما لديهم من ذكريات وفيما يلي حصيلة هذه اللقاءات *استقبال رمضان: الباحث/ جعفر محمد السقاف تحدث عن عادات استقبال وتحري هلال رمضان حيث قال. استقبال رمضان يتم قبل أن يهل هلال رمضان ففي النصف من شهر شعبان يقوم أبناء حضرموت بزيارة قبر النبي هود عليه السلام وغالباً ما تكون هذه الزيارة لإغراض تجارية حيث يقام هناك سوق تجاري كبير جدا وبالذات للحيوانات من أغنام وغيرها فيستعد الناس من هناك لشراء الذبائح الخاصة بهذا الشهر كما يؤخذون معهم الاسوكه التي ينتشر بيعها هناك كون السواك مطلوب وهو من أهم الهدايا التي يقدمها الزوار لأهلهم وأقربائهم كما يقوم رب الأسرة بتحضير الحاجيات الأخرى كالتمور وبعض المواد الغذائية والمرطبات والحلويات. أما عن كيفية تحري هلال رمضان في سيئون فيتم عن طريق زوايا معينة لعلم الفلك بمنطقة السحيل بمدينة سيؤن كون منطقة السحيل منطقة مفتوحة على الأفاق الغربية للسماء والمنازل التي يشاهد منها الهلال يركز نظره على المنطقة المعنية أو المنازلة التي يشاهد فيها الهلال والتي تختلف باختلاف فصول السنة الأربعة وكانت لدينا أسرة بسيئون مهمتهما رؤية الهلال وهي أسرة آل" باصبيع" إعلام رمضان يتم إعلام رمضان أو إبلاغ الناس بخبر رمضان اقصد رؤية رمضان عن طريقتين قديماً كون لا توجد قديما وسائل اتصالات كما هو اليوم والطريقتين الأولى وهي لإطلاق المدافع والبنادق وبما أن هذه المدافع والبنادق لا يصل أصواتها إلى المناطق البعيدة والنائية فيتم إشعال نيران من أعلى قمم الجبال في كل منطقة وكان الناس عندما يرون هذه النيران في أعالي الجبال يعممون خبر ثبوت رؤية الهلال لرمضان أو العيد، فيراها ذلك المتخصص الجالس على أعلى قمة جبل " العجاز" قرب مدينة تريم فيشعل هو الآخر شعلة كبيرة آخر هناك فيراها منهم في منطقة عينات. وهكذا تسمى عملية إشعال النيران حتى قبر النبي هود وحتى منطقة سناء شرقاً وكان الناس عندما يرون هذه النيران في أعالي الجبال يعممون خبر ثبوت رؤية هلال رمضان أو العيد. وعن الأهازيج والألعاب الشعبية التي تقام في رمضان؟ يقول السقاف: عادة ما يخرج الصغار في هذا الشهر الكريم فيقومون ببعض الألعاب والأناشيد والأغاني فيه كما أنهم يزاولون بعض الألعاب الرياضية كالنوية والكعارير والصك بالكرة هذه بالنسبة للأولاد الصغار أما الكبار أو الشباب فلهم العاب أخرى أيضا وكانت الدحنك من أهم الألعاب وهي لعبة تشبه لعبة الجولف التي تمارس في دول أوروبا حالياً هي عبارة عن كرة صغيرة يأخذ كل لاعب عصا معكوفة الرأس تضرب بها الكرة إلى مسافات بعيدة وكان اللعب بها يبدأ بعد صلاة التراويح. أما بالنسبة للأهازيج التي تقام في رمضان فهي كبيرة جداً فلو أرهفنا السمع إلى التواشيح الأندلسية التي نستمع إليها من الإذاعات العربية مثلاً ذكر كثيرا من المؤرخين على أنها من أصل يمني ولذلك فإننا نقول إن التواشيح والأهازيج هي نفسها التي تقال في كثير من المناطق اليمنية العربية كيف لا واليمن هي أصل العرب. كما أن هناك تواشيح خاصة بالصغار يقومون بها بعد صلاة العصر هذا من خلال تجمعهم في ساحة المساجد حيث ينشدون أغانيهم التي يتغنون فيها ولم يكونون صائمين مثل الكبار وهناك توشيحات تقوم بها البنات مثل قولهن ( يابخت الصيام يا ليتني صايمة) ويتغنين هذه الأغاني إلى ذلك يعملن إيقاعات بالأحجار كون الطبول لا تدق في نهار رمضان في ما يتم بعد صلاة التراويح قرآت عدد من التواشيح الدينية إذا أنا لكل ليلة قصيدة خاصة ومن هذه التواشيح الدينية الا يالله بنظرة من العين الرحيمة تداوي كل مابي من امراض سقيمه مسحرات رمضان وعن المسحراتي في مدن وادي حضرموت يحدثنا هود عبيد سالمين بالقول: في حضرموت الوادي يتميز شهر رمضان بمميزة عدة ففي الماضي كانت لهلال رمضان طريقة يعتمدها الحكم فغالبا ما تتم الرؤيا لهلال رمضان في منطقة الهجرين بمديرية دوعن وذلك لارتفاع هذه المنطقة ويقال لنا إن بها بيتاً في أعلى سطحه أثناء عشر شرفه كل شرفة يستطيع المشاهد منها أن يرى منزلة الشهر الذي يريده وغالباً ما تأتي رؤية الهلال في سلطانة الكثيرية من منطقة الهجرين خاصة بعد ظهور آلة الاتصال اللاسلكي ( المورس) فيتم إعلام القضاة في سيئون وتريم والمدن التي يتواجد بها القضاة وبدورهم يبعثون رسائل إلى القرى لإعلام الأهالي بحلول شهر رمضان أو عيد الفطر حيث يقوم المسحراتي بقرع الطاسة ليلاً عندها يفهم الجميع أن هلال رمضان قد هل ويقوم المسحراتي كل ليلة بالطواف في أزقة القرى والمدن لإيقاظ الناس لتناول وجبه السحور وغالبا ما يصحب المسحراتي في ليلة الهلال أهازيج يقوم بها الأطفال مثل قولهم: رمضان جاء يا حيا به جاب العشاء في جرابه ويستمر المسحراتي خلال شهر رمضان ففي مدينة سيئون يقوم بهذا المهمة أسرة آل باصالح وفي مدينة تريم وبعض القرى يقوم بالمهمة أشخاص توارثوه أبا عن جد بعضهم يقوم بالنداء على المنزل يسمونه ( المثوب) وفي العشر الأواخر من رمضان يقوم المسحراتي بالطواف على المنازل فيعطى مقابل عمله كمية من الحبوب وفي القرى يسمونها "قواعد" فيجتمع الأطفال منشدين: اليوم يوم القواعد المستوى ما يواعد وفي سيئون يقول الأطفال منشدين ياصالح يا صالح أعطوه سجاده يا صالح بقوه يصلي الشربة أما عن أشهر وجبات شهر رمضان يقول هود سالمين أشهر وجبات شهر رمضان هي وجبة الشربة حيث لا تزال هذه الوجبة المفضلة عند أكثر سكان وادي حضرموت حيث يتم تناولها بعد الإفطار. خواتم رمضان أستاذ هود وماذا عن ما يسمى بخواتم رمضان تبدأ الختومات من ليلة السابع من رمضان وهي عادة لا تزلا موجودة تسمى ختم المساجد حيث تقام من ليلة السابع من رمضان عند إكمال قراءة المصحف وتستمر ختومات المساجد إلى ليلة التاسع والعشرين من الشهر المبارك وتقام ليليا الوتر طلبا لليلة القدر. حيث يلتقي الأهل والأقارب والمعارف والجيران في بيت واحد ويتم تبادل التهاني وتقديم الإفطار وبعد صلاة المغرب يتم تقديم وجبة العشاء بمناسبة ختم المسجد الذي حافتهم المجاورة يكون المسجد معمورا ليلا مثل ماهو معمور نهارا وفي العصرية التي يقع فيها الختم ينتقل فيها الأولاد والبنات صغار من بيت إلى بيت عند الناس الذي عندهم ختم مسجدهم ويتداولون ألحانا متنوعة ينشدون بها. ومن الأناشيد التي تنشد عن الأطفال عند زيارتهم للبيوت التي رزقت بمولود. هاتوا ختام الجديدة ولا كسرنا الحديدة فلان سلم لأمه ريح المسك في كمه فلان كبير أخوانه فلان ختم قرانه فلان سلم لبوه وامه تجيب اخوة أما إذا كانت عروسة يقولوا منشدين يا عروس اندري بانشوفش ياعروس بالقيش قلوش وإذا كان مسافرا فإنهم ينشدون سفر بنا جاء على غفله ياطارح البن في الحفلة مدفع رمضان رمضان اليوم يغيب عنه صوت المدفع في حضرموت لكنه عاد في بعض محافظات اليمن كالعاصمة بذلك الصوت المشيع الذكريات فصوت المدفع آنذاك يفطر الصائم وأيضاً بصوته يبدأ رحلة الصيام لمدفع رمضان ذكريات خاصة يحدثنا عنه الوالد محمد علوي العيدروس بالقول:حقا لقد ترك غياب المدفع في رمضان اليوم فراغ كبير حيث كان سابقا لا يؤذن أمام المسجد لصلاة المغرب إلا لحظة ما يسمع صوت المدفع فيؤذن المساجد كلها ولا يمكن لأحد أن يؤذن قبل المدفع على الإطلاق كون قاضي المدينة هو الذي يجدد ساعة عامل المدفع بالدقيقة أي أن الوقت كان مضبوطا بدقة للغاية وكان وقت إطلاقه في السحور وعند الإفطار وكان أيضاً صوته قوي جدا يهز مدينة تريم والمناطق المجاورة. |