ارتفاع حظوظ قائد الجيش لرئاسة لبنان لن تنعقد «على الارجح» الجلسة السادسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية غداً، رغم مرور اسبوع على «الفراغ» في سدة الرئاسة بعد انتهاء ولاية الرئيس «السابق» اميل لحود ليل 23 - 24 الشهر الجاري ومغادرته القصر الجمهوري. غير ان «انابوليس» لبناني متحرك اشعل الاتصالات في الكواليس في الساعات الماضية رفع حظوظ التوافق على «فخامة القائد» العماد ميشال سليمان (قائد الجيش) لرئاسة الجمهورية تفادياً لـ «السقوط القاتل» نتيجة «الفراغ الملغوم». ففي الوقت الذي صدرت اشارات علنية وصريحة من قوى الغالبية البرلمانية (تحالف 14 مارس) تؤيد انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، يجري «التدقيق» في موقف المعارضة ولا سيما «حزب الله» بعدما افيد عن رفض زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون «حتى الان» لمجيء العماد ميشال سليمان رئيساً. وتجدر الاشارة الى ان طرح اسم سليمان كمرشح للرئاسة للمرة الاولى تم بمباركة مصرية، قيل يومها انها عكست توافقاً فرنسياً - سعودياً على هذه الشخصية التي لا تستفز سورية وعلى صلة جيدة بالاميركيين، الامر الذي يجعل معاودة ترشيحه «نقطة تقاطع» داخلية - اقليمية - دولية، تحتاج الى مخرج دستوري عبر تعديل المادة 49 في البرلمان، الذي اصبح الان «هيئة ناخبة». وجاء ارتفاع حظوظ قائد الجيش الذي يحمي المرحلة الانتقالية بعد رحيل الرئيس لحود وقبل انتخاب رئيس جديد، مع تزايد المخاوف من مغامرات تحضر لها المعارضة في لحظة «انعدام وزن» اقليمية - دولية في غمرة الانهماك بمؤتمر انابوليس وتداعياته وخطر لعبة المساومات بين المسارات. ولعل مواقف رئيس «اللقاء الديموقراطي» وليد جنبلاط عكست بـ «دقة» هذه المخاوف وفسرت لجوء الاكثرية الى قرار ترشيح العماد سليمان لاخراج المأزق العام من «عنق الزجاجة»، فهو كرر دعوته الى تسوية وترك الأمور الخلافية وسلاح المقاومة الى ظروف اقليمية دولية أفضل، داعياً الى انتخاب رئيس جديد «يدير الأزمة لأن هذا أفضل من الفراغ ثم نناقش تسوية المواضيع الخلافية». وأضاف في تعليقه على امكان حصول بازار في انابوليس على حساب لبنان: «دخلنا البازار السوري - الأميركي والسوري شاطر ويبقى ان نرى شطارة الأميركي... المطلوب ألا يذهب لبنان ضحية المسارات وننجو منها وهي صارت 3 مسارات لبناني، سوري وايراني». وعما اذا كان يتراجع عن مواقفه السابقة، قال جنبلاط: «لا أستحي من التراجع... نعم أنا آخذ خط التهدئة لأن المواطن اللبناني مرعوب من احتمال الصدام والفوضى وخائف، واذا لم يأخذوا (المعارضة) هذا الخوف في الاعتبار، يكونون مجانين. أليس لديهم رأي عام»؟ . في غضون ذلك، قال رئيس البرلمان نبيه بري امام زواره انه في «استراحة محارب» ينتظر ما ستؤول اليه الاتصالات الجارية على المستوى المسيحي. ولدى سؤاله عن مصير لائحة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، اجاب: «بكركي حمت لبنان من الكثير من الفتن عندما تدخلت وحسمت الموقف من نصاب النصف زائد واحد والاصرار على تطبيق الدستور حتى النهاية وقدمت لائحة باسماء عدد من المرشحين واستجبت لطلبها. واكرر انني التزم ما تقدمه بكركي». واللافت ان اصواتاً عدة من تحالف «14 مارس» اعلنت صراحة وفي شكل «مباغت» اتجاه الاكثرية الى اعتماد سليمان مرشحاً توافقياً، وقال النائب الياس عطا الله ان انتخاب رئيس للبنان قد يتم في الجلسة المقررة غدا او في «الايام القليلة المقبلة» وان العمل جار للتوافق على العماد سليمان. تجدر الاشارة الى ان صفير كان اول من اطلق اشارات تأكيد لانتخاب سليمان قبيل بدء الماراثون الرئاسي عندما اسقط تحفظه عن تعديل الدستور «اذا كان من شأنه انقاذ البلاد». وفي معلومات تم التداول بها في بيروت وتصب في هذا الاتجاه ان الاكثرية شكّلت مباشرة بعد دخول لبنان الفراغ الرئاسي لجنة لتقويم المرحلة ودرس كل الاحتمالات والخروج بتصور واضح لتقليص فترة الفراغ قدر الامكان، منعاً للتطبع معه اولاً ولوضع حد لأي محاولة تسلل عبر هذا الفراغ الى مدار تدمير مؤسسات الدولة، الهدف الرئيسي للقوى التي عملت لتكريس هذا الفراغ امراً واقعاً. واعتبرت اللجنة في تقريرها ان المسألة لم تعد بين خيار رئيس استقلالي وآخر ملتبس، بل هي بين خيار فريق يريد الدولة ومؤسساتها، وآخر يريد اسقاطها ويرمي من الفراغ الى تكريس سعيه الى اعادة النظر في مجمل اتفاق الطائف بذريعة تغييره بتغيّر التوازنات الاقليمية، ودخول ايران لاعباً قوياً لم يكن بالثقل عينه في العام 1989، وهو الحديث نفسه الذي سبق للموفد الفرنسي السفير فوق العادة جان كلود كوسران ان سمعه قبل شهرين في طهران، باعتماد مبدأ المثالثة بدل المناصفة الحالية. وأشار تقرير اللجنة الى ان البحث في الشأن الرئاسي انطلاقاً من هذه المعطيات، يجب الا يكون في اختيار رئيس بامتداد سياسي معين او بصلة قربى سياسية لهذا الفريق او ذاك، بل في هل يكون للبنان رئيس وهل تتوقف الحرب الآتية وتُزجر الفوضى، ام تحل حرب اهلية جديدة؟. ورأى التقرير انه يجب النظر الى أي تجربة عسكرية جديدة في الرئاسة من منطلق وجود مدرستين: واحدة مثلها فؤاد شهاب وأتت للبنان بنتائج فذة، وأخرى مثلها ميشال عون واميل لحود أتت بسلبيات عدة، وبالتالي في الامكان الركون الى تجربة شهاب الناجحة، خصوصاً ان الظروف الدولية الراهنة مشابهة لتلك التي كانت في العام 1958، واستطراداً من شأن وضع الثقة بتجربة عسكرية جديدة ان يمنع تداعيات الفراغ المقصود والحؤول دون تحقيق ما يريده «الفراغيون» من انهيار للمؤسسات العامة والدستورية في مقابل انتعاش فئوي لمؤسساتهم ولدويلاتهم. وخلص التقرير اياه الى انه في هذا المنظار لا بد من دعم شخصية قوية يمكن العماد سليمان أن يمثلها، تعمل على الحفاظ على مؤسسات الدولة بمعزل عن اي تحزّب سياسي. وترافق تقرير «خلية الازمة» لقوى الاكثرية مع معلومات عن انها شكلت فريق عمل قانوني لدراسة المخرج الدستوري لانتخاب العماد ميشال سليمان. ورغم ان من السابق لاوانه الحكم على حظوظ العماد سليمان للوصول الى الرئاسة، فانه يتعاطى مع الاخرين كـ «فخامة القائد» ويتعاطون معه كذلك، فهو كان بدأ تحركاً عبر زيارة البطريرك صفير قبل ايام ثم زار رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى اول من امس، ومفتي الجمهورية ومطران الروم الارثوذكس، اضافة الى الرئيس بري امس، واستقبل في الوقت عينه شخصيات «سياسية» كالوزيرة نايلة معوض والرابطة المارونية. وربما لارتفاع حظوظ سليمان، وضع المرشح بطرس حرب ترشيحه بتصرف بكركي، اول من امس، واعلن المرشح روبير غانم من على درجها امس، ان لا مشكلة لديه اذا كان الحل مع غيره. عون: ليتقدموا بمشروع تعديل الدستور لترشيح العماد سليمان ثم نبدي رأينا أكد رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب العماد ميشال عون ان التحرك الذي يقوم به والمشاورات التي أطلقها في دارته في الرابية ليست موجهة ضد البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، لافتاً الى «ان بكركي مرجعية لنا نرجع اليها كلما عصي أمر علينا»، ومشدداً على «ان كل التهجم علينا يبقى حكي في الهواء». وقال عون على هامش مشاوراته امس (تم تمديدها) مع فاعليات مسيحية رداً على ما يشاع حول ترشيح الأكثرية قائد الجيش العماد ميشال سليمان للرئاسة: «عظيم فليتقدموا بمشروع تعديل الدستور في البرلمان ثم نبدي رأينا». وعن امكان حصول تحرك شعبي، لم ينف عون ذلك، وقال انه «سيكون سلمياً وديموقراطياً وفي كل بيروت». وبالنسبة للذين لا يريدون التشاور معه قال: «انهم هم يتحملون هذه المسؤولية». |