البديل هو الشيطانَ!!! "تمخض الجبل فولد فأراً".....هذا الوصف ينطبق على ما سمي باللقاء التشاوري لأحزاب المشترك،فلا اللقاء حمل من التشاور سوى اسمه ،ولا من دعا إليه كان تشاورياً أو يؤمن بمبادئ التشاور بمعناه الجوهري وحقيقته التي لا يختلف حولها اثنان والمتمثلة في القبول بالأخر والاعتراف به والابتعاد عن مفاهيم الإقصاء والشمولية التي تبدو أشبه بالطبع الذي غلب التطبع لدى الداعين الى اللقاء والمشاركين فيه. والحقيقة التي لا جدال فيها ان المقدمات الخاطئة لا تنتهي الا بنتائج خاطئة ،وما سمي باللقاء التشاوري ولد بمقدمات هزيلة وفاقدة لاية معان وطنية لينتهي بنتائج سقيمة في المعنى والمبنى واكثر هزلية من التي حاول المشاركون في اللقاء تصويرها . حسناَ...لنكن اكثر وضوحاً في التوصيف ولنقل ان ما سمي باللقاء التشاوري للمشترك لم يكن الا مسرحية ديكورية جديدة سيئة الاعداد والاخراج لسبب بسيط هو ان معدوها وممثليها ومخرجها لم يكونوا سوى مجرد مجموعة من الكومبارس "السياسيين بالطبع " يؤدون ادواراً ثانوية لا هدف لها سوى "تلميع " شخصية بعينها هي شخصية المنتج والممول الحقيقي لما سمي باللقاء التشاوري ،ولذلك وجدنا ان تلك المسرحية انتهت كما بدات . لقد افتقد ما سمي باللقاء التشاوري لاية ابعاد او اهداف لها صلة بالشان الوطني الواقعي ليخرج ببيان طويل لكنه هزيل لا يحمل اية رؤية وطنية،لكونه نتج عن لقاء تم حشد مجموعة من "الجثث المحنطة " التي اوكل اليها مهمة الحديث عن الفساد وتوزيع تهم الفساد على الاخرين متناسية –أي تلك الجثث المحنطة- ان ملفاتهم حبلى بفسادهم ومفاسدهم التي لا تقتصر على الفساد المالي والاداري ،بل تتعداه الى المفاسد السياسية والثقافية ،ومفاسد نشر ثقافة الكراهية والمناطقية . ولا نبالغ القول ان معظم من شاركوا فيما سمي باللقاء التشاوري هم اما وزير فقد منصبه ،او سفير سابق اصبح خارج الجاهزية ،او سياسي فاشل عجز عن اقناع الجماهير بمصداقية اطروحاته وبرامجه ،او رجل اعمال اثري بطرق تدور حولها مئات الشبهات وتثار بشانها الاف التساؤلات ،وعلى ذلك يمكن القياس فالبقية الباقية من المشاركين اكتفوا بالتجمع حول الموائد التي قدمها التشاور واداء اداور ثانوية ،وبعبارة اخرى قنعوا بمهمة اكمال المشهد الديكوري لتشاور لا تشاور فيه سوى ان من حشدوا اليه باتوا كلهم يتشاورون حول "لا قضية". ولئن كان هناك من حسنة لذلك المسمى باللقاء التشاوري فليس سوى حديثه عن الحوار ، الا ان تلك الحسنة الوحيدة فقدت جوهرها حين نجد ان من يتحدثون عن الحوار لا يؤمنون به اصلاً ،ناهيك عن الاهم من ذلك وهو ان مزاعمهم عن الحوار تفقد مصداقيتها حين لا يحددون قضية الحوار الذي يريدونه ،ومااذا كان ذلك الحوار تحت سقف الوحدة والثوابت الوطنية وفي مقدمتها الحفاظ على النظام الجمهوري والوحدة الوطنية والنظام الديمقراطي وكل ذلك مرهون بالالتزام بالدستور والقوانين. ولعل من المهم الاشارة الى ان من يقف خلف التشاور هي احزاب اللقاء المشترك التي وقعت اتفاق التوافق مع المؤتمر الشعبي العام ذلك التوافق الذي افضى الى التمديد للبرلمان الحالي لمدة عامين اضافيين وتاجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في 27 ابريل من العام الجاري وهو التوافق الذي تم شرعنته بتعديل دستوري اقرته السلطة التشريعية باغلبية شاركت فيها كتل مجلس النواب وفي مقدمتها كتل المشترك . واذا كان ذلك التوافق الموقع عليه من قادة الاحزاب الممثلة في مجلس النواب وفي مقدمتها احزاب المشترك هدف الى افساح المجال امام الاحزاب لاجراء حوار حول عديد قضايا متصلة بالاصلاحات السياسية والانتخابية ،فقد كان حرياً بالمشترك المسارعة الى طلب البدء بالحوار حول ما تم التوافق عليه على اعتبار ان تلك الاحزاب هي من كانت وراء مطلب التاجيل للانتخابات ،الا ان سعي قيادات المشترك لعقد ما سمته باللقاء التشاوري عكس حقيقة محاولتها الانقلابية على اتفاق التوافق قبل ان يجف حبره. ولا يقف الامر عند محاولة المشترك-بلقائه التشاوري ذلك- الانقلاب على التوافق الوطني المشار اليه سابقاً،بل يتعداه الى محاولة قيادات المشترك الهروب-كعادتها- من الاستجابة لدعوة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لكافة الاحزاب السياسية والمنظمات المدنية والشخصيات الاجتماعية والاكاديميين والمثقفين والادباء الى تحويل المؤتمرات الفرعية للمجالس المحلية المقرر انطلاقها مطلع يونيو القادم في مختلف محافظات الجمهورية الى ساحات حوار وطني حول الهموم والقضايا ذات الصلة بمشاكل وقضايا المواطن المعيشية والاقتصادية والخدمية والامنية وكل ما يتعلق بقضايا المحافظات . ويرى المراقبون ان نتائج تلك المؤتمرات بما تكتسبه من مشروعية دستورية وقانونية انطلاقا من كونها –أي المجالس المحلية- هي المخولة دستوريا وقانونيا-الى جانب بقية المؤسسات الدستورية- بتشخيص هموم ومشاكل المواطنين وتحديد اولويات احتياجاتهم ووضع المقترحات والمعالجات الانجع لها ولدت مخاوف لدى قيادات اللقاء المشترك من سحب البساط منها للحديث عن اية قضايا ومطالب غير مشروعة وعن حوار لا علاقة لاجندته بالقضايا الحقيقة للجماهير فسارعت تلك القيادات الى عقد لقائهم التشاوري في محاولة استباقية لطرح اجندة وقضايا خاصة بها بعيدة عن القضايا الحقيقة المتصلة بحياة الناس . ويزداد الامر وضوحاً اكثر حين ينكشف المستور عن ذلك المسمى باللقاء التشاوري الذي تحدثت فيه "الجثث المحنطة" عن حوار لا هدف له سوى الالتفاف على نتائج الشرعية الدستورية التي افضت اليها نتائج الانتخابات الديمقراطية الحرة والمباشرة والنزيهة ،وهو مايؤكده مشهد ذلك اللقاء والمشاركين فيه وهم يتماهون مع العناصر الخارجة عن الدستور والقانون وما تمارسه من اعمال التخريب والعنف المسلح ونشر ثقافة الكراهية والحقد بين ابناء الوطن الواحد. بل ان المسمى باللقاء التشاوري ومن شارك فيه اعلنوا تماهيهم مع موقف العناصر الانفصالية التي اعلنت عن موقفها الداعي الى انفصال اليمن الواحد بوضوح ودون مواربة ،ولم يتردد المشاركون في اللقاء في التماهي مع الخطاب التمزيقي الرامي الى تمزيق الوطن وتقسميه مناطقياً. واذا لم يكن غريباً ان من شارك وتحدث في ذلك اللقاء هي اصوات معروفة بعدم امتلاكها لاية مشاريع او رؤى وطنية ،لكن الغريب حقاً ان تلك الاصوات تناست او بالاصح تعمدت التناسي انها اصوات وشخوص غير مؤهلة لان تتحدث عن الاصلاح لانها بحاجة الى اصلاح نفسها اولاً،وكان حرياً بها ان تخصص ما سمته بلقاء تشاوري للبحث عن اليات لاصلاح اوضاعها المعوجة ،والتشاور حول انجع الاساليب لتصالح بها جماهير الشعب اليمني التي رفضت مراراً منحها الثقة او القبول باطروحاتها المزيفة عن الاصلاحات خلال المحطات والاستحقاقات الديمقراطية الانتخابية المتكررة "المحلية والنيابية والرئاسية". والخلاصة ان ذلك المسمى بالتشاور لم يكن الا لقاءاً جمع "المتردية والنطيحة ومااكل السبع " دون ان يكون لها من هدف سوى البحث عن لعب ادوار جديدة ،معتقدة انها بتحالفها وتماهيها مع الحالمين بعودة الامامة والتشطير ربما تلعب دور البديل على انقاض وطن يسعون جميعهم لتمزيق وحدته الوطنية ليصبح شعوباً وقبائل متناحرة يمزقها كل ممزق. لكن الحقيقة كما قال فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ،وكان محقاً وصادقاً حين وصف هؤلاء جميعاً بقوله "ان البديل لوحدة الوطن هو الشيطان ..هو الطوفان." |