الجودة والتغيير جناحي المنظمة الناجحة شهدت السنوات الأخيرة ظهور مدارس جديدة في علم الإدارة تبنت ونادت بضرورة التغيير الإداري وإخراجه من بوتقة الجمود والتقوقع إلى حيز الديناميكية والحركة المستمرة ، داعية إلى ضرورة الأخذ بالأسلوب القائم على انتهاج وسائل علمية وتكنولوجية دقيقة تعمل على تحقيق الجودة والتميز في العمليات الإنتاجية للمنظمات ، بحيث يمنحها هذا الأسلوب في حال تطبيقه القدرة والمقدرة على المنافسة والاستمرارية في الوجود ، ليس في الأسواق المحلية فحسب بل وفي الأسواق العالمية التي أصبحت لاتعترف بالمنظمات الضعيفة ، والتي لاتعمل وفقا لمبادئ وأسس الجودة الشاملة ، لاسيما في ظل وجود منظمة التجارة العالمية التي كسرت الحواجز الجمركية وألغت الحدود الجغرافية ، وكان لابد لهذه المدارس أن تستند إلى أسس علمية في طرحها هذا على كل من يهمهم أمر المنظمات الحكومية وغير الحكومية وبالذات في القطاع الخاص باعتباره رائد التنمية الأول والمحرك الرئيسي للاقتصاد العالمي ، بحيث تطلب الأمر الدعوة إلى نشر ثقافة التغيير في المنظمات بحيث يؤدي إلى اعتماد هيكلية جديدة مرنة وشفافة تمنح المنظمة حرية الحركة والتعبير عن الذات من خلال غزو الأسواق بمنتجاتها السلعية أو الخدماتية من اجل الاستمرار ضمن عالم يتغير بين اللحظة والأخرى . ونستطيع القول أن المنظمات بمختلف مسمياتها مادامت تندرج تحت مسمى منظمات الأعمال هي عبارة عن أنظمة مفتوحة تؤثر وتتأثر مع ظروف البيئة المحيطة بها والتي تعمل في نطاقها من حيث النمو والتطور ، وهنا نجد أن التغيير سيكون أمراً عاديا بل وضروريا يحتم على المنظمة الانتقال من وضع ( س) تعيشه حاليا إلى الوضع (ص) المستهدف الوصول إليه ، وهو الوضع الذي يضمن لها البقاء ككيان قوي في منظومة السوق التي لاتعرف او ترحم احد، ويسودها التعقيد والاضطراب الدائمين . وهنا يتبين لنا أن منظمات الأعمال الدولية الناجحة خصوصا في الغرب تبنت أحدث الأنظمة الإدارية التي عرفها الإنسان حتى الآن والتي يطلق عليها ( إدارة الجودة الشاملة ) ويرمز لها بـ TQM ، وهو نظام لايعترف بالشعارات البراقة التي سادت في الماضي ولم تؤدي إلى شئ يذكر ، بل إن هذا المبدأ الإداري الحديث قائم على أسس قوية تهدف إلى إحداث التغيير الشامل والعميق في فكر ووجدان المنظمة والقائمين عليها من خلال تغيير سلوكهم ومعتقداتهم وقيمهم و التي لابد وان تواكب هذا التغيير ،باعتباره " عملية طبيعية تقوم على مجموعة عمليات إدارية مقرة ومعتمدة تؤدي إلى إدخال التطوير بدرجة ما على احد العناصر أو أكثر ، بحيث يمكن مشاهدته كسلسلة متصلة من المراحل التي تحقق الانتقال من الوضع الحالي إلى الوضع الجديد " ويتبين لنا من خلال ماسبق أن إدارة الجودة الشاملة هي " أسلوب إداري حديث ، يعتمد على إرضاء العملاء وتحقيق منافع لجميع الأفراد العاملين وللمجتمع ، ومشاركة كل أفراد المؤسسة في التحسين المستمر للعمليات والمنتجات والخدمات باستخدام الأدوات العلمية بهدف النجاح في المدى الطويل " ويمكن لنا أن نختم بالدعوة إلى ضرورة تطبيق مبادئ الجودة الشاملة والتغير في كل منظمات الأعمال العربية التي نشعر أنها بحاجة إلى هذا التطبيق أكثر من أي وقت مضى نظرا للتحديات الجسام التي تواجهها حاليا أو تلك التي تنتظرها مستقبلا ، وهي التحديات التي لن تستطيع مواجهتها والتغلب عليها إلا من خلال تعميم ثقافة التغيير وتطبيق الجودة الشاملة في كل مفاصلها ومنظوماتها الإدارية والمالية . [email protected] |