تريم عاصمة بجدارة تستعد مدينة تريم هذا العام لتتوج بإكليل عاصمة الثقافة الإسلامية 2010 .. ويعد إختيارها أهم حدثاً يلفت الانتباه إلى علاقة هذه المدينة العريقة منذ أقدم الأزمان بالتاريخ والفكر .. وقد يكون هذا الاختيار الأصدق من الناحية التاريخية والعلمية أيضاً .. أرتبط إسم هذه المدينة بالعلم والعلماء ويعد أهلها أهل علم وعمل وصلاح .. حيث كانت ولاتزال مصدر للعديد من العلماء الذين أناروا بعلمهم ظلمة الجهل .. وكان لهم الدور الريادي في نشر تعاليم الإسلام السمحاء في شتى بقاع المعمورة .. وكان لهم تأثيرات متباينة في مسارات الحياة حتى أن العديد منهم قد ترك بصمته بعمق في مجالات الحياة المختلفة الشرعية منها والفكرية والأدبية.. وقد أُسست منذ القدم الكثير من المساجد و دور العلم والأربطة الإسلامية التي تهتم ببناء الجيل المؤمن والعودة به إلى المنبع الصافي الزلال ( القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة) .. ورُبط العلم الشرعي فيها بالحياة السلوكية والأخلاق الحميدة في كل مسيرة علميه . أما أهلها فهم آمنون كمدينتهم التي تنعم بالهدوء والطمأنينة والتي تبدو جلية على قسمات سكانها بالرغم من أن العديد منهم يعملون في أعمال البناء والتي غالباً ماتنطوي هذه المهنة على مخاطر لكنهم يعتبرونها حرفة شريفة كغيرها لا يأبهون بالخطر ويكابدون العيش لكي يطردوا من حياتهم فكرة البطالة. وعن الهندسة المعمارية فقد تجسدت في بيوت تريم ومساجدها حيث يعدان نقطة إرتكاز أساسيه تنطلق منها التصاميم الفريدة لإبداعات أهلها الأسطورية والتي تعكس متانة البناء و فخامة القصور القديمة بكنوزها الفتيه البديعة المنسقة بأسلوب يجمع بين الأناقة والترف والبساطة في آن واحد .. وقد استخدموا قوالب خاصة على ضوءها تشكلت الأنماط المختلفة للأسقف كروية الشكل وأنماط خاصة للقبوات الأسطوانية والمنارات الشاهقه المنتشرة بكثرة في المدينة بالإضافة إلى الأعمدة الملتصقة بالجدران .. ولعل أروع مثال على هذا هو منارة المحضار حيث حلّق البناؤن حوالي 50 متراً في السماء والذي يجسد إحدى آيات فن ألعماره الطينية نظراً لمتانتها ودقة تصاميمها على الرغم من أنها بنيت فقط من الطين والمدر حتى باتت الآن مدينة تريم الوجهة الأولى لاستقطاب العدد الكبير من السياح الأجانب .. وهذا الاستقطاب السياحي للمدينة لايعود بتمتعها بشاطئ رملي نظيف ولا بمناظر زراعيه خلابة .. بل يعود إلى وجود مساحات كبيره للآثار التاريخية تجدها منتشره في أنحائها والى وجود كنز ثمين تحتاج إليه السياحه في هذه الآونة الأخيرة ألا وهو العلم . وخلال فترة الأمطار الأخيرة والفيضانات التي اجتاحت المدينة تضررت العديد من الأماكن الأثرية و البيوت والقرى ونزح الأهالي إلى مناطق أخرى آمنه ومازال الجميع يعملون جنباً إلى جنب لتستعيد هذه المدينة الرائعة عافيتها .. وفي الأخير لا يسعني إلا أن أقول أن مدينة تريم عاصمة بجدارة .. وهي العاصمة الثقافية لمجمل اليمن .. وأن كل ما ذكرته عنها ماهو إلا غيض من فيض .. وستظل قابعة في وجدان العالم كالنهر الذي يروي عطش الصحراء |