الأحد, 29-سبتمبر-2024 الساعة: 01:41 ص - آخر تحديث: 09:14 م (14: 06) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المستقبل للوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
زخم الثورة وحاجته لسلوكٍ ثوري
إياد فاضل*
خواطر في ذكرى تأسيس الموتمر الشعبي العام
د. أبو بكر عبدالله القربي
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ليبارك الله المؤتمر
راسل القرشي
الجديد في ذكرى التأسيس الـ"42"
شوقي شاهر
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
رؤية وطنية تلبّي احتياجات الشعب
أحلام البريهي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
الدليل النظري للمؤتمر.. المرجعية الحقيقية لتحقيق السلام
جابر عبدالله غالب الوهباني*
الذكرى الـ42 لتأسيس المؤتمر مرحلة بحاجة للحكمة
عبيد بن ضبيع*
تجربة التأسيس وحاجة اليمنيين لها اليوم
خالد سعيد الديني*
قضايا وآراء
المؤتمر نت -

عبدالملك الفهيدي -
فقهاء ما بين (السُّرة والرُّكبة)
بالأمس خرج النائب والخطيب الإصلاحي محمد الحزمي بمقال سياسي ديني تضمن إعلاناً صريحاً بتحريم “كوتا المرأة” باعتبارها نوعاً من الولاية العامة, التي يزعم الحزمي وكثر من المتشددين وفقهاء العصور الوسطى أن الإسلام يحرمها.
هجوم القيادي الإصلاحي الحزمي وتحريمه لكوتا المرأة ليس جديداً, ولا يعبر عن رأيه الشخصي بقدر ما يعكس حقيقة موقف حزب الإصلاح “الإخوان المسلمون في اليمن” من مسألة حقوق المرأة بشكل عام, بدءاً من رفض تحديد سن زواج الصغيرات, وصولاً إلى مشاركتها السياسية وتوليها مناصب حكومية وسياسية في الدولة.

ولعل الغريب أن المبررات التي يقدمها الحزمي وحزبه لم تعد تستند - فقط- على أدلة شرعية “واهية” وغير صالحة للاستعمال في القرن الحادي والعشرين، بل صاروا يضيفون إلى تفسيراتهم الخاصة للمبادئ الدينية والفقهية مبررات سياسية تتمحور كلها حول أن حصول المرأة على حقوقها هو إرضاء للغرب وأمريكا وعدوان على الدين الإسلامي.

من حق الحزمي وفقهاء الإصلاح أن يقنعونا أن رفضهم لتحديد سنِّ زواج الفتاة، ومعارضتهم للمشاركة السياسية للمرأة ناتج عن قناعاتهم بضرورة بقاء المرأة في المنزل لتأدية دور “الوعاء الجنسي” وحتى يتمكنوا من ممارسة صولاتهم وجولاتهم ومعاركهم مع النساء, والتي لا تتعدى ساحاتها “مابين السرة والركبة”، لكن ليس من حقهم أن يستمروا في تضليل الرأي العام بأكاذيب عن الدين ما أنزل الله بها من سلطان، وليس من حقهم أن يستمروا في تفصيل مبادئ الفقه الإسلامي على مقاسات “شبقهم الجنسي”.. كما أنه ليس من حقهم الاستمرار في نشر ثقافة الكراهية للآخر, وتصوير الغرب وكأنه وحش كاسر كل همه الانقضاض على الإسلام.

ودعونا نكون أكثر صراحة.. إن تبريرات المعارضين لحصول النساء على حقوقهن بالحديث عن كونها استجابة لمطالب غربية على غرار زعم الحزمي أن تضمين المؤتمر لمشروع التعديلات الدستورية نصاً بتخصيص 44 مقعداً برلمانياً للمرأة إنما هو رشوة للغرب حتى يتمكن المؤتمر من إجراء الانتخابات لا يعدو أن يكون مجرد استخفاف بعقول الناس وآدميتهم وثقافتهم وحتى بدينهم.. بل إنه يتجاوز ذلك ليصور الإسلام هذا الدين العظيم, الذي جاء ختاماً للأديان والرسالات السماوية, كما وصفه تعالى حين قال: “ اليوم أكملتُ لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينا” وكأنه فقط مبادئ وأفكار وتفسيرات لبعض فقهاء أو خطباء أو علماء حتى ينهار لمجرد معارضتها أو تجاوزها.

جميعنا مسلمون.. وجميعنا نؤمن بأن هذا الدين سيظل ديناً للمسلمين حتى قيام الساعة؛ لكونه ديناً سماوياً، ورسالة رحمة للعالمين، ولأنه يحمل في قيمه ومبادئه وأسسه مكارم الأخلاق، والتسامح والتعايش والوسطية والاعتدال، والدعوة إلى العلم والثقافة وبناء الحضارة وليس لكونه ديناً له أتباع كثر من أمثال الحزمي يفسرونه كيفما شاءوا, ويدافعون عنه بالكراهية للآخر، وعدم القبول به، أو بالحرص على بقاء النساء حبيسات البيوت والأكواخ الزوجية.
ولعل المشكلة الحقيقية التي نواجهها اليوم مع أمثال الحزمي لا تكمن في معارضتهم لمشاركة المرأة فقط، بل لكونهم باتوا عبئاً ووزراً ثقيلاً على الإسلام يشوهون عظمته، وقيمه السمحاء، وتكريمه للإنسان بجعله خليفة الله في الأرض, عبر تفسيرات وتأويلات لنصوص لم تتغير منذ 1400 سنة, أو بالأصح لا يريدون أحداً أن يغيرها أو حتى أن يناقشها, وكأنها آيات قرآنية.

والحقيقة أن الغرب الذي لا يبرئه أحد من تشويه صورة الإسلام وتطرف الكثير من مثقفيه وسياسييه ضد المسلمين, لا يتحمل لوحده وزر العنصرية التي تمارس ضد المسلمين وتصويرهم كإرهابيين، بل يشاركه في ذلك هؤلاء المتشددون الذين أسهموا ولا يزالون في تصوير الإسلام على أنه دين يرفض التحرر والاجتهاد والتحضر ولبس البنطال والكرفتات وزيارة محلات الكوافير ومشاهدة الأفلام السينمائية، ومحاورة الآخر عبر “الفيس بوك” وصولاً إلى تحريم خروج المرأة من بيتها وجعل صوتها مجرد عورة.

هؤلاء بثقافتهم “العفنة” وتفكيرهم “القروسطي” هم من يشوهون الإسلام, بل وينزعون عنه أهم مبدأ جاء به وهو تكريم الإنسان “رجلاً وامرأة” وتحريره من عبودية البشر, التي يحرص هؤلاء على استمرارها عبر تسميم أفكار الناس بضرورة تقديس تفسيرات بعض الفقهاء والعلماء وعدم الاقتراب منها وإلغاء عقولهم التي ميزهم بها الله.

والخلاصة هي أن تحريم ورفض الحزمي وأمثاله لكوتا المرأة, ليس مجرد معارضة لحقوق النساء فحسب, بل هو معركة بين الجهل والعلم، وبين التحضر والتخلف، وبين ثقافة متقوقعة بين سراويل النساء وفكر يريد أن يخرج من عباءة التشدد وينطلق نحو العلم والحضارة حاملاً مشاعل الإسلام, كما حملها أجداده كالخوارزمي وابن النفيس، وابن سيناء, ومئات أمثالهم فهموا الإسلام حق فهمه, وعملوا بذلك الفهم, فخدموا الإسلام والبشرية أيما خدمة.








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "قضايا وآراء"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024