خطر القاعدة في اليمن التطورات والأحداث الأمنية التي توالت على اليمن خلال الأيام القليلة الماضية كانت لافتة جداً أكان ذلك من ناحية دور تنظيم القاعدة الإرهابي فيها أو من ناحية الأهداف التي كانت مسرحاً لها أو التوقيت الذي جرت فيه والذي يأتي بعد أيام من انتقال السلطة سلمياً إلى الرئيس عبدربه منصور هادي الذي حظي بثقة القوى السياسية والحزبية ودعم كافة الشرائح الاجتماعية اليمنية التي منحته أصواتها في الانتخابات المبكرة يوم ال 21 فبراير الماضي. فالمتابع لتفاصيل هذه الأحداث الإرهابية التي استخدمت فيها السيارات المفخخة ضد مواقع حيوية ونقاط أمنية ومعسكرات تتبع القوات المسلحة اليمنية سيجد انه ما كان لتنظيم القاعدة أن ينجح في تنفيذ كل تلك العمليات الدامية التى راح ضحيتها العشرات من الجنود والمواطنين بمعزل عن حالة ( الفراغ) الناجمة عن الأزمة السياسية التى شهدها اليمن خلال العام 2011 فقد استغل هذا التنظيم الإرهابي حالة الفراغ تلك ليتسلل إلى عدة مناطق فسيطر كلياً على مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين معلناً إياها إمارة إسلامية تدار بواسطة بعض عناصره. وهو ما شكل تحولاً جوهرياً في منهجية المواجهة مع تنظيم القاعدة في اليمن الذي أخذ في التمدد وتوسيع أنشطته الإرهابية وعملياته المباغتة في أبين ورداع والبيضاء ومدينة عدن حيث بدت بعض المواقع الأمنية والعسكرية مكشوفة لعناصر هذا التنظيم التي ركزت هذه المرة على حصد أكبر قدر من الأجساد البشرية في كل عملياتها. والواضح ان انشغال الدولة العام الماضي بتداعيات الأزمة السياسية وما أفضت إليه من أعمال عنف واضطرابات في العاصمة صنعاء والمدن الرئيسية الأخرى قد أثر تأثيراً كبيراً على دورها في منع تسرب عناصر جديدة من تنظيم القاعدة إلى الأراضي اليمنية وفي هذا الصدد يشير خبير عسكري إلى ان المواجهات العنيفة التى جرت في محافظة أبين يوم الأحد الفائت بين بعض الوحدات العسكرية المرابطة في هذه المحافظة ومهاجمين من عناصر تنظيم القاعدة كشفت ان هذا التنظيم الإرهابي قد توفرت له إمكانيات متطوره مكنته من مهاجمة اكثر من موقع عسكري في اكثر من منطقة في وقت واحد وبطريقة مفاجئة ومباغتة لا تستخدمها سوى الجيوش النظامية .. ومبعث هذا التطور بحسب الخبير العسكري يعود إلى الدعم اللوجستي الذي حصل عليه ذراع القاعدة في جزيرة العرب خلال الأشهر الماضية من قبل التنظيم الدولي الذي أمده بخبراء محترفين في أعمال القتل والإرهاب والتفجير إلى جانب أعداد جديدة من المقاتلين الإرهابين الذين تسربوا إلى الأراضي اليمنية وتحديداً من الصومال. وتتأكد صحة هذه المعلومات بما صدر مؤخراً على لسان الرئيس اليمني من تصريحات حول وصول عدد من عناصر تنظيم القاعدة من دول عربية وإسلامية إلى محافظة أبين لمساندة قوى التطرف والإرهاب في الحرب التي تخوضها ضد اليمن ومؤسسته العسكرية والأمنية. لم يكن مستغرباً ان تصل الأوضاع في اليمن إلى ماوصلت إليه بالنظر إلى المشكلات المستفحلة في هذا البلد الذي تتقاذفه عوامل الفقر والبطالة والأمية وشح الموارد والأزمات السياسية التى ألقت بظلالها على استقراره وتنميته وقدراته وإمكانياته ولكن الغريب حقاً ان لا يستوعب بعض بنيه خطورة الظروف التى يمر بها وطنهم في الوقت الراهن.. فالحقيقة انه وإذا ما استثنينا بعض المواقف مما جرى في ابين وحضرموت ورداع والبيضاء من أعمال إرهابية سفكت فيها الكثير من الدماء البريئة فقد اتسمت مواقف معظم الأحزاب السياسية بالضبابية والغموض فمن مختزل لهذه الأحداث إلى مشكك فيها أو مفرط في إطلاق التهم للآخرين بتدبيرها. وهو ما يعني معه ان أصحاب هذه المواقف الموغلة في الخصومة السياسية إما غائبون عن المشهد أو مغيبون عما يخطط له تنظيم القاعدة الإرهابي الذي قيل انه قد حشد أكثر من خمسة آلاف مقاتل من أجل نشر الفوضى في المحافظات الجنوبية والشرقية وضرب مكونات الأمن والاستقرار في اليمن على وجه الخصوص والمنطقة عموماً. ونتسأل هنا هل لا زال بين هذه الأحزاب وفي ظل هذه الظروف المعقدة التي تموج بها الساحة اليمنية من لا يريد أن يفيق من سباته ويفتح عينيه على هذا الواقع المؤلم الذي لاشك وانه يصدم بقوة كل من يفتح عينيه ؟ ألا يكفي اليمن النكبات التى تعرض لها والأزمات التي تسببت بها الخلافات السياسية والحزبية بين أبنائه؟ ومتى يدرك هؤلاء الأبناء ان استمرار هذه الخلافات سيؤدي إلى المزيد من التدهور الأمني والاقتصادي والتنموي وان ذلك سيضاعف من معاناة الناس ويرمي بالجوعى منهم الى أحضان الإرهاب إذا كانوا سيجدون لدى عناصر التطرف والقتل والتدمير مايشبعون به بطونهم. وفي الوقت نفسه متى يعي أشقاء اليمن في الجزيرة العربية والخليج انه وإذا ما انزلقت هذه الجموع ممن يقعون تحت خط الفقر إلى حاضنة الإرهاب فإن العاصفة ستجرف الجميع غنيهم وفقيرهم صغيرهم وكبيرهم وانها التي لن تستثتي أحداً نقلا عن صحيفة الرياض السعودية |