كان موعدها الآن!! حين تصبح السيرة الذاتية أطول من قامة صاحبها فإنها باطلة بعضنا يحشو سيرته الذاتية بعبارات وسطور.. ومهام ووظائف ثم دورات وشهادات.. وتجارب وخبرات تئن منها الصفحات ثقلاً وأوهاماً وفراغاً وزحاماً. تأملت السيرة الذاتية لهذه المرأة وخجلت.. داهمتني مشاعر العجز والفقر والندم.. أين نحن من سيرة كهذه تدعو للزهو لا مباهاة.. ولا مبالغة كعقد اللؤلؤ كل مفردة أجمل وأنقى من الأخرى. دكتوراه في علم الاجتماع من باريس.. ماجستير في الاتصال من أميركا.. بكالوريوس صحافة من مصر.. أستاذة بكلية بلويت أميركا.. أستاذة بجامعة كارل فون ألمانيا.. باحثة زمالة بجامعة هولندا.. وتطول السيرة الناصعة للمرأة العالمة. المثابرة الشجاعة.. العظيمة المتواضعة.. الموسوعة الثرية والمحاورة المقنعة التي سبقت زمانها.. ورحلت وكان موعدها الآن مع يمنيات ثائرات يرسمن معالم الدولة الرشيدة التي حلمت بها الراحلة الفقيدة. امرأة مدهشة كانت حياتها فرحاً لغيرها.. قال عنها الوزير الشاب حسن شرف الدين : هذه امرأة تجسدت فيها كل الصفات النبيلة.. وكتب عنها نصر طه مصطفى : إنها عميدة القلم وأستاذة الأجيال وضياء العقول الشابّة. فتاة الطبري.. التي كانت نسخة غير مقلدة لصنعاء القديمة بكل تفاصيلها الأنيقة.. كريمة حنونة.. بليغة إن حكت ومقنعة إن كتبت.. ذكية.. مرحة.. حباها اللَّه بسمات نادرة اقتحمت بها قلوب الجميع. كانت بدوية مهيبة في الجوف.. بنت بلد في القاهرة.. صنعانية ضاحكة في حارة الفليحي.. أنيقة في باريس.. وقورة في نيويورك.. حكيمة في بكين. لها قلب بعمق المحيط.. واتساع العنقاء.. أحبت اليمن كله على مذهبها المتسامح النقي.. وكتبت فيه وعنه سطور الشوق.. والحب.. والغزل.. كما لم يفعل أحد. كلنا مذنبون.. وحدها حلمت بالوحدة.. فمنحتها قدرها وسمو مكانتها بيتاً صغيراً في عدن.. وأصغر منه في سقطرى.. ورحلات لم تتوقف إلى سيئون وشبام تخدم الوطن الذي فتنت به دون تمييز أو رياء. هذه هي.. أنا لا أقول الأشياء التي لا أفعلها.. التزمت بهذا في حياتي.. مما جعل حياتي مريحة.. ولست بحاجة إلى أن أنافق أحداً أو أكذب.. دفعت ثمناً غالياً لاستقلالي السياسي.. وخسرت مناصب ومواقع لكني كسبت نفسي.. فروحي لا أحد يشتريها. آخر سطور كتبتها قبل رحيلها المفجع.. أما أنا فكان لدي قلمي.. ورأسي اللذان توقفا عن العمل حتى يأتي وقت الفرج أو يزورني ملائكة الجنة.. أودعكم وانزع قلمي من حبره وستسكت شهرزاد عن الكلام المباح. الأسبوع المنصرم أبكيننا الوفيات الرقيقات هدى أبلان.. انطلاق المتوكل.. بلقيس علوان حتى أدمين القلوب في الذكرى الثانية لرحيل الأثيرة الدكتورة رؤوفة حسن.. امرأة نأت بنفسها عن الخصومات الفارغة.. امرأة سيرتها الذاتية تستحق التأمل والكتابة والتقدير والاعتزاز. آخر السطور للشاعر أوس الإرياني خسرنا جميعا ولا رابح الا يدفع الكل غالي الثمن الا ننتمي كلنا للوطن لماذا الخلافات ما بيننا ومن أجل من.. وحبرك يا شهرزاد الذي سكبته في صفحة الخالدينا تشكل ياء.. وميما.. ونونا فتباً لمن لا يحب اليمن. الثورة |